responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 40
الكريم، وأفضلها من جعله عِضِينَ، وزهدت الناس في نيل نصيبهم من الدنيا، وظاهرت فرنسا عليهم، ويكفيها حطة أن يكون شعارها " أمُّنا باري- باريس- احفظها يا باري ". من أجل ذلك كان الإمام الإبراهيمي يعتبرها استعمارًا روحيًا، لا يمكن للشعب الجزائري أن يتحرر من عدوه، المحتل لأرضه، المستغل لخيراته، المهين لمقدساته إلا إذا تحرر من هذا الاستعمار الروحي، وشُفي من هذا الوباء الطرقي المنحرف الذي أعمى بصره، وأمات قلبه، وشل عقله، وأضل سعيه، وأهدر جهده.
وكما أزعج الإمام الإبراهيمي الفرنسيين، وأطار النوم من أعينهم بما بث في الناس من وعي وطني، وما غرس في قلوبهم من روح نضالية، وما أشاع في أنفسهم من أمل؛ أقَض مضاجع منحرفي الطرقيين، وأرَّق جفونهم، وكدَّر مشاربهم، وأكسد تجارتهم بما علَّم من دين قيم، وما أذاع من سنة صحيحة، وما نشر من هدي سليم، فصار الناس يميزون بين ما هو من عند الله وبين ما هو من عند غيره، وأصبحوا يفرقون بين ما هو من سنة محمد- ص- وبين ما هو من أهواء غيره، ولم يعودوا يلقون السمع إلا لآية بينة، أو سنة صحيحة.
ومع ذلك كله، فقد كان الإمام الإبراهيمي وجمعية العلماء يطبقون في محاربتهم الطرقية وبدعها قاعدة "أخف الضررين "، فقد ذكر العالم المغربي إبراهيم الكتاني، أن الإمام الإبراهيمي دعاه لحضور الاجتماع العام لجمعية العلماء بالجزائر العاصمة، وعرف " أن لجمعية العلماء قرارًا سريًا يقضي بمنع مقاومة الزوايا والمرابطين في بلاد القبائل- البربر- التي كان للكنيسة بها نشاط تخريبي هدام منظم " [57].
ونود أن نَلْفِتَ الأنظار إلي تلك العلاقة العميقة والمتينة التي كانت تربط بين الإمامين عبد الحميد ابن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي. لقد بدأت هذه العلاقة- على تقوى من الله ورضوان- في الحرم المدني الشريف، بالمدينة المنورة، وتجدرت في ميادين الجهاد ومقارعة العدو الفرنسي لاستخلاص الجزائر من بين أنيابه، ومقاومة الذين خانوا الله ورسوله وخانوا الوطن بموالاة عدوه، واسمّرت هذه العلاقة قوية نقية لم تشبها شائبة، ولم يعترها فتور، ولم يستطيع شياطين الإنس- رغم حرصهم- أن ينزغوا بينهما، وما ذلك إلا لأنها كانت علاقة خالصة لله عز وجل، خالية من حظوظ الذات ونوازع النفس، يحرسها تقدير متبادل وتتجلى هذه العلاقة- قبل تأسيس جمعية العلماء- في حرص الإمام عبد الحميد بن باديس على عودة أخيه الإمام الإبراهيمي من المشرق بعدما رأى غزارة علمه، وعرف قوة شخصيته، وأدرك عمق نظرته، وتبين صدق وطنيته، كما تتجلى في انتقال الإمام ابن باديس إلى

57) انظر شهادة إبراهيم الكتاني في محمد خير الدين: مذكرات … ج1، - صلى الله عليه وسلم - 406.
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست