responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 57
عليه تأذن الله باضمحلالنا وحفت كلمة المقت علينا {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} إن التاريخ أفصح مخبر وأصدق ناقل وقد أخبرنا كيف كان عاقبة الذين من قبلنا وحذرنا أن نتعرض لمقت الله بما كسبت أيدينا، وأعيذكم أن تكونوا ممن تماروا بالنذر.
أقول، ولا نكران للحق، إنه ما من نقيصة كانت سببا في هلاك الأمم قبلنا إلا وهي موجودة فينا على اختلاف تقتضيه طبيعة الزمان والمكان، وان تغافل الإنسان عن عيبه لمن دواعي الغرور، والغرور من دواعي التمادي في الغي والتمادي في الغي من موجبات الهلاك، وهل نقيصة أعظم من فقد الإحساس؟
وها نحن أولاء لا شعور ولا إحساس تمر الحوادث بنا تباعا فلا نعتبر ولا نزدجر. ويسير العالم بما فيه سيره إلى الأمام ونحن في موقف لا نتبين فيه موقع أقدامنا. فكأن القطعة التي نحن عليها من هذه الأرض واقفة لا تتحرك أو كأن الأمم كلها ورثت من الأرض التحرك إلا نحن. إذا فلسنا من هذا العالم أو هذا العالم ليس منا. فقد الإحساس أصبح من أكبر مميزاتنا إلا تلك الآلام التي تحدث عند مرور الحوادث حتى إذا مرت لم نجد في أنفسنا أثرا ولا عينا.
سارت الأمم في مناهج العمران عنقا فسيحا ونحن في نومة أصحاب الكهف والرقيم، غفلنا عن أخذ الأهبة للتزاحم الاقتصادي فأدركنا سيله الجارف وسدت علينا منافذ الحياة وشتان ما بين الكسلان والعامل.
يدعو الداعي من الأمم الحية العارفة بقيمة الحياة صارخا بقومه إلى عمل يكسبهم عزا ويفيدهم قوة ويدفع عنهم ضرا. فإذا قومه مهطعون إليه استماعا لقوله فامتثالا لأمره فتحقيقا لمرماه فتنجيزا للفعل فتعاونا عليه فوصولا للمطلوب، ويدعو الداعي منا إلى خير فإذا قومه منه يسخرون وإذا كلامه لا يكاد يتجاوز لسانه كالوتر الذي لم يشتد فوقه لا يكاد السهم يخرج حتى يسقط.
أمرنا بالإرشاد والتذكير فهل ذكر الخاصة أو امتثل العامة.
أمرنا بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر وفيهما كل خير فهل امتثلنا.
أمرنا بالعمل للدارين فخسرنا الحاضرة ويوشك أن نخسر الغائبة.
عمدنا إلى الدين وأحكامه فأخرجنا الكثير عن حقيقته وأهملنا حكمته وأسراره ووقفنا عند الصور المجردة، ثم لم نكتف بذلك حتى ألصقنا به الكثير من البدع وحملناه ما لا يطيق منها، ثم لم نكتف بذلك حتى اتخذناه مطية للتفريق فالتبس الحق بالباطل، ولا عالم يميز هذا من ذاك، وإن وجد فالخاصة له بالمرصاد والعامة في شقاق بعيد.

نام کتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي نویسنده : البشير الإبراهيمي    جلد : 1  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست