نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 365
الخفي الدقيق، والجلي الواضح، فلا يخفى عليه شيء من عمل الإنسان ويعلمه علم من يبصره.
ذكر سبحانه وتعالى حسد اليهود بالمدينة، وكيف يداوي المؤمنون داء الحسد عند هؤلاء وهو بالعفو والصفح رجاء أن يقربوا بدل أن يستمروا على جفوتهم ونفرتهم، حتى يكون اليأس من إدنائهم فيكون القصاص أو الكشف والإبعاد، والله تعالى على كل شيء قدير.
ولقد بين سبحانه سبب حسدهم وهو غرورهم بأنهم أهل الجنة وحدهم فقال تعالى:
(وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ. . (111)
الضمير يعود على أهل الكتاب في قوله تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) والضمير في قوله تعالى: (وَقَالُوا) يتعيَّن عودته على أهل الكتاب للقول نفسه؛ لأن الذين قالوا هذا القول اليهود، والنصارى وهم أهل الكتاب وهم الذين كانوا يجاورون النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والقول بالترتيب الجماعي فاليهود قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا والنصارى قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا، وإلا فكل فريق لَا يؤمن بالآخر فاليهود لَا يعترفون بالنصرانية وهم الذين عادوا المسيح، وحرضوا على قتله وإن كان الله تعالى قد نجاه من دسهم وشبّه عليهم، وقد دل على ذلك قوله تعالى بعد ذلك: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ. . .).
وهود قيل إنها هنا بمعنى يهود، ولكنها بمعنى الجمع؛ لأن " مَنْ " هنا لفظ يدل على الجمع فالجمع أنسب إليه ويكون جمعا لها كعوذ جمع لعائذ، ولأنه مقابل لنصارى ونصارى جمع، وإن قولهم هذا كذب نشأ من غرورهم وإغلاق قلوبهم على ما عندهم، وما يتمنونه من أماني كاذبة إذ يتمنون ولا يعملون " ولذلك قال تعالى في تصوير حالهم: (تِلْكَ أَمَانِيّهمْ) وهي جمع أمنية وهي على وزن أفعولة فأصلها أمنوية اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، وقد
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 365