نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 400
هو التطهير من الرجس الحسي من الخبائث الحسية، والتطهير المعنوي بأن يخصص لعبادة الله تعالى وحده فلا يكون مكانا لوثن، ولا معبدًا لغير الله تعالى، وقد قال تعالى في هذا المعنى السامي: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ).
ويصح على هذا أن نقول إن العهد أن يبنياه مطهرا من كل خبث في بنائه بقلب سليم، ونفس مخلصة لوجه الله تعالى، وأن يجعلاه طاهرا معنى وحسا ليكون للقاصدين له من غير مكة، والمقيمين حوله، وسماهم هنا العاكفين مشيرا إلى أن البقاء بجواره مجاورين له قائمين بحقه عبادة، وعبر في الآية الأخرى بالقائمين أي المستمرين حوله. والطائفون عند أكثر الكاتبين هم القادمون للطواف وحج بيت الله لمن استطاع إليه سبيلا، وإنه مع أنه موطن الحجيج الطوافين والمقيمين حوله مجاورين معتكفين هو مسجد الله تعالى تقام فيه الصلاة، فيكون لهؤلاء الطائفين العاكفين ويكون للمقيمين للصلاة، وأشار إليهم سبحانه بقوله تعالت كلماته: (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) هم الراكعون وهو جمع تكسير، وهم الذين يخضعون لله تعالى راكعين متضرعين متبتلين، والسجود جمع ساجد، كقعود جمع قاعد، ورقود جمع راقد. ويراد الركوع الذي هو ركن الصلاة، والسجود الذي هو الركن أيضا، واكتفى بذكرهما دون بقية الأركان من قراءة وقيام وقعود؛ لأنهما مظهر الخضوع الكامل، والتطامن لرب العالمين.
بعد أن بني خليل الله أبو الأنبياء بيت الله تعالى بأمر ربه اتجه ضارعا إليه، أن يجعل ما حول البيت آمنا، وقد أقاموا في مكان جدب؛ ولذا دعا ربه أن يرزقهم من الثمرات، فقال تعالى حاكيا دعاءه: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) وفي هذا دعاء إلى أن يكون ما حول البيت بلدا آمنا، وأن يرزقه من الثمرات، وهذا يشير إلى أنه عند بناء البيت لم يكن البلد قد تكوّن، ولكن آية أخرى تشير أن هنا بلدا متكونًا؛ ولذلك ذكر بالتعريف، فقال تعالى: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبدَ الأَصْنَامَ).
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 400