نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 401
وقد قال بعض المفسرين إن الدعوة قد تكررت، فالدعوة الأولى كانت ولم يكن البلد، ولذلك كانت الدعوة بتكوين البلد وجعله آمنا، كما في قوله تعالى: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)، وإنه عند تمام البيت استجاب الله تعالى لنبيه، فأخذ الناس يأوون إليه يبنون ويقيمون الخيام، وإن البلد ينشا بعد بضعِ سنين فلما نشأ، وإبراهيم ذو ضراعة، وأوّاه حليم دعا فقال: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدَا آمِنًا) وخشي من الكثرة النسبية في البلد الذي وجد أن يكون فيهم عبدة الأوثان فضمن دعاءه قوله: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ)، وإن كثيرين يرون أن طلب إبراهيم لم يكن إنشاء بلد آمن، بل كان طلبه فقط أن يكون آمنا، فالطلب من إبراهيم عليه السلام كان منصبا على الأمن، والإشارة إلى المكان، فالمعنى اجعل هذا بلدا موصوفا بالأمن، ويكون المطلوب الأمن، كما تقول مشيرًا إلى ابنك اجعل هذا ابنا بارا، ويكون المراد وصفه بالبر، وقد أجاب الله سبحانه تضرعه، فجعله بيتا آمنا، ويتخطف الناس من حولهم.
(وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْم الآخِرِ)، والرزق الإعطاء والتمكين، ومن هنا للبعضية، أي ارزقهم بعض الثمرات فكان الطلب قانعا غير مسرف فيه، وكذلك شأن الذين لَا يسرفون على أنفسهم، والثمرات ظاهرها أنه يكون مما تنبت الأرض، وقد أعطاه الله تعالى الثمرات في حدائق الطائف وغيرها من نخيل وأعناب، وأعطاهم ثمرات التجارة، فكانت مكة موطن الاتجار فى الجزيرة العربية، وكانت مزار العرب في الحج، وقد كان ذلك إجابة لإبراهيم خليل الله تعالى إذ قال: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ).
وإنه في هذه الآية طلب أن تهوي إليهم أفئدة الناس، فيقدموا على الحج، وطلب أن يعطيهم من الثمرات، كما طلب في الآية الكريمة التي، نتكلم في معناها
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 401