عنهم، وأتى نبيهم الكتاب وهو التوراة، فيه فرقان بين الحق والباطل، عسى أن يهتدوا إلى الحق البيِّن بعد الضلال. قال تعالى: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (البقرة: 53).
اليهود هم اليهود في عنادهم وضلالهم:
لقد عفا الله عن اليهود بعد عبادتهم للعجل، ولكن اليهود هم اليهود، كثافة حس، ومادية فكر، واحتجابًا عن مسارب الغيب، فإذا هم يطلبون أن يروا الله جهرة، والذي طلب هذا هم السبعون المختارون منهم، الذين اختارهم موسى لميقات ربه، يرفضون الإيمان لموسى إلا أن يروا الله عيانًا، والقرآن يواجههم هنا بهذا التجديف الذي صدر من آبائهم، لينكشف تعنتهم القديم الذي يشابه تعنتهم الجديد مع الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم، وطلبهم الخوارق منه، وتحريضهم بعض المؤمنين على طلب الخوارق للتثبت من صدقه، قال تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} (البقرة: 55).
مظاهر التحلل من العهد عند يهود:
قال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (البقرة: 65). لقد فصل القرآن الكريم حكاية اعتدائهم في السبت. قال تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} (الأعراف: 163).
لقد طلب اليهود أن يكون لهم يوم راحة مقدس، فجعل الله لهم يوم السبت راحة مقدسًا لا يعملون فيه للمعاش، ثم ابتلاهم بعد ذلك بالحيتان تكثر يوم السبت وتختفي في غيره، وكان ابتلاءً لم تصمد له يهود، وكيف تصمد وتدع هذا الصيد القريب يضيع، أتتركه وفاءً بعهد واستمساكًا بميثاق، إن هذا ليس من طبع يهود.