المرتين يصرفهم عن تحديد ما ينفقون، ويَكِلهم إلى أريحيتهم وشعورهم، أو يأخذ بهم إلى بيان موضع الإنفاق والبذل.
واقرأ إن شئت قول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (البقرة: 219). واقرأ منها مرة أخرى قول الله: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (البقرة: 215).
ظل القرآن الكريم هكذا يأمر بالإنفاق دون تحديد لما ينفق منه، حتى إذا ما تركز المسلمون، واتسعت نطاق حياتهم بالهجرة إلى المدينة، وصاروا جماعة متميزة لها منهجها الخاص في الحياة، ولها هدفها الذي تعمل له، وتهيأت في ظل ذلك نفوسهم لقبول التحديد -أُعلنت فريضة الزكاة، وقرنت بالصلاة وشهادة التوحيد، وكانت ثلاثتها عنوان الدخول في الإسلام، وعنوان الأخوة الدينية. قال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (التوبة: 11).
الجهات التي تصرف الزكاة لها:
وفيها نزلت آية كريمة حددت دائرة الزكاة، ومنعت أن يصرف شيء من الزكاة خارجها، وهي قوله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 60).
وبالنظر في الآية يتضح أن دائرة الاستحقاق في الصرف إليها من الزكاة تتألف من حلقتين؛ إحداهما: أفراد الزكاة، فينفقونها على الوجه الذي يرونه، وهذه الحلقة هي التي أضيفت الصدقات إليها في الآية الكريمة بكلمة "اللام" للفقراء