عنك إنه لم يجعل أحدا فوقك فلا ترضى أن يكون أحد أشكر له منك, فتصدق أمير المؤمنين بصدقات وأطلق مسجونين"1.
وهكذا يثمر الإنكار السري والوعظ اللطيف مع الولاة ثمارا طيبة بإذن الله حيث يلين قلب من وفقه الله للحق فيرعوي الظالم عن ظلمه ويقبل المدبر منهم إلى الله إقبالا لأن النفس البشرية جبلت على عدم الاستجابة لمن يقرعها على ملأ من الناس, فما بالك بالأمير والسلطان الذي أتاه الله الرفعة والجاه بين الناس؟
لذلك شدد أهل السنة والجماعة في عدم الإنكار العلني على الولاة واستخدام أسلوب المصادمة أو العنف مع الظلمة منهم درأً لمفسدة أعظم من ظلمهم هي الخروج والفتنة الناجمة عنه.
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: " ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس, فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق"2 ا. هـ.
ولقد فسر ابن الأثير النصيحة لأئمة المسلمين بقوله: " أن يطيعهم في الحق ولا يرى الخروج عليهم بالسيف وإن جاروا"3.
لأن لشر الحادث من الخروج الناتج عن الإنكار العلني على الولاة أعظم خطورة من الشر الناتج عن ظلمهم ومنكراتهم.
1-الآداب الشرعية والمنح المرعية 1/197, وللأستزادة انظر الشفاء في مواعظ الملوك والخفاء ص 101 للإمام عبد الرحمن بن الجوزي, تحقيق ودراسة الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد, مراجعة السيد الصفطاوي- ن مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية " 1398-1978م".
2-شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين من بعدهم 1/161 للإمام أبي القاسم هبة الله بن الحسن اللالكائي, تحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان- ن دار طيبة – الرياض- ط 2/"1411هـ".
3-جامع الأصول في أحاديث الرسول 11/558, حقق نصوصه, وخرج أحاديثه, وعلق عليه عبد القادر الأرنؤوط –ن مكتبة الحلواني- مطبعة الملاح- مكتبة دار البيان- ط/ "1392هـ-1972م".