التي أنزلت بمكة قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.
الثالثة: وهي لا تفيد شيئا في هذا المبحث هذا سوى وصف ليلة القدر بالبركة إلى جوار الارتفاع وعلو المكانة مما أثبته الله تعالى في الآية السابقة وهي الآية (3) من سورة الدخان ونزلت بمكة ولكن في مرحلة متأخرة عن القدر تقول هذه الآية إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ.
وربما يبدو تعارض وهمي بين نزول القرآن في ليلة القدر، وبين نزوله مفرقا على مدار ثلاثة وعشرين عاما، فيقدم العلماء حلا لهذا التعارض الظاهر يتمثل في ثلاثة احتمالات هى:
الأول: يعتمد على قول ابن عباس: «أنزل القرآن في ليلة القدر جملة واحدة إلى السماء الدنيا. وكان الله ينزله على رسوله - صلّى الله عليه وسلم - بعض في إثر بعض» أي أنه أنزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة في ليلة القدر، ثم كان نزوله على محمد - صلّى الله عليه وسلم - منجما على سنوات بعثته.
الثاني: أن نزوله إلى السماء الدنيا كان في عدد من ليالي القدر يساوي سنوات بعثته، ينزل الله في كل ليلة منها ما قدر انزاله منجما طوال هذه السنة، وقال بهذا مقاتل ونقله عنه القرطبي في تفسيره، وذكره فخر الدين الرازي في تفسيره.
الثالث: هو قول الشعبي أن نزوله ابتدأ في ليلة القدر ثم استمرت آياته وسوره تنزل على النبي - صلّى الله عليه وسلم - طوال مدة بعثته حسب تقدير الله وحكمته.
ثم يذكر أن أكثر العلماء يميلون إلى القول الأول، فيقول عن ابن حجر في شرحه على البخاري (هو الصحيح المعتمد). ويقول عنه السيوطي (هو الأصح الأشهر).
واستمر نزول القرآن ثلاثا وعشرين عاما، فتر فيها الوحي بعد ذلك نحو ثلاث سنوات، وأول ما نزل على أصح الأقوال وأرجح الآراء، هو قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ [العلق: 1 - 5].
ويدل عليه ما رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن عائشة أنها قالت: