الخاتمة
لا جرم أن القرآن الكريم كتاب يزخر بالمعاني والمعالي فيه خبر السالفين الأولين وهو القول الفصل ليس بالهزل.
وهو أشرف ما صرفت إليه الهمم أودع الله تعالى فيه أصول الدين، ومعالم الشريعة، فقد جعله الله تعالى دستورا جامعا ومرجعا شاملا، قال تعالى: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل: 89].
وهذا العمل المتواضع على صغر حجمه، لا غنى لكل طالب للعلم، ولكل مستزيد عنه، فيه بذلت جهدا يعلم الله به.
والذي أريد أن أصرف إليه العقول هو لا بدّ من تقديس كتاب الله عز وجل، وخدمته آناء الليل وأطراف النهار، كتلاوته، ولأن في ذلك رضى الله عز وجل، ومن يرغب عن رضى الله تعالى؟! ولقد أدرك المسلمون الأوائل عظم شأن كتاب الله عز وجل، فقام علماء الإسلام عبر العصور على خدمته وإحاطته بكل أسباب الرعاية والعناية من جميع الجوانب.
وكان من أبرز هذه الجوانب علم القراءات وتجويد القرآن، وتفسيره للناس لعلهم يهتدون ونهتدي بهم، وها هو الحق تباركت أسماؤه وجل شأنه يصف هذا الكتاب بقوله تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ومن الواجب على كل مسلم دارس أو غيره أن يعظم ما عظم الله، فقد روي أن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى مصحفا صغيرا في يد رجل، فقال: من كتبه؟ فقال الرجل أنا، فضربه بالدرة، وقال: عظموا القرآن. ومما لا شك فيه أن كل إنسان يعترف بأن الصناعة التي هي من عمل البشر، لها هفوات لا عاصم منها مهما ارتفع مستوى الإتقان، ومهما بذل فيها من جهد وعناية وحرص، وهي - كما يعلم الجميع - هفوات لا تخفى على القارئ-.