نام کتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 102
عنه، وبما أن المرابطين التزموا بشرع الله فى كل شئونهم ومرُّوا بمراحل طبيعية فى حياة الدول فإن أثر حكم الله فيهم واضح وبيِّن.
وللحكم بما أنزل الله آثار دنيوية وأخرى أخروية, أمَّا الآثار الدنيوية التى ظهرت لى فى دراستى لشعوب الملثمين التى قامت بهم دولة المرابطين فعدة أمور منها:
أولاً: الاستخلاف والتمكين:
حيث نجد أن المرابطين منذ زعيمهم عبد الله بن ياسين حرصوا على إقامة شرع الله فى أنفسهم وأهليهم، وأخلصوا لله تحاكمهم فى سرِّهم وعلانيتهم، فالله سبحانه وتعالى قوَّاهم وشدَّ أزرهم حتى استخلفهم فى الأرض، وأقام المرابطون شريعة الله فى الأرض التى حكموها، فمكن لهم المولى عزَّ وجلَّ الملك, ووطأ لهم السلطان.
وهذه سنة ربَّانية نافذة لا تتبدل فى الشعوب والأمم التى تسعى جاهدة وجادة لإقامة شرع الله تعالى.
والمتأمل فى القرآن الكريم يجد هذه السنة ماضية فى الأفراد والشعوب والأمم، فيوسف عليه السلام استخلف فى الأرض بعد أن ابتُلى فأبلى وظهر منه أنه كان من المخلَصين، وعندما قال له الملك: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف: 54] عرف أنه قد جاء أوان الاستخلاف، فاستعد لتبعته ونهض لحمل رسالته فقال: {قَالَ اجْعَلْنِى عَلَى
خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف:55]، وصار بهذا من أهل التمكين: {وَكَذَلِكَ
مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:56].
وقد بيَّن الله تعالى تحقُق سنة التمكين فى بنى إسرائيل، قال تعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِى الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص:5].
وكان بعد وراثة الأرض والاستخلاف فيها أن منَّ الله عليهم بالتمكين إنفاذًا
لمشيئته السابقة، قال تعالى: {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِى الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرونَ} [القصص:6].
وبذلك تتضِح هذه السنة فى القرآن الكريم كما هى ملموسة فى واقع الأمم والشعوب.
نام کتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 102