نام کتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 57
لقد كان أبو بكر بن عمر من أعظم قادة المرابطين، وأتقاهم وأكثرهم ورعًا ودينًا وحبًا للشهادة فى سبيل الله، وساهم فى توحيد بلاد المغرب، ونشر الإسلام فى الصحارى القاحلة وحدود السنغال والنيجر، وجاهد القبائل الوثنية حتى خضعت وانقادت للإسلام والمُسْلِمين، ودخل من الزنوج أعداد كبيرة فى الإسلام, وساهموا فى بناء دولة المرابطين الفتية، وشاركوا فى الجهاد فى بلاد الأَنْدَلُس, وصنعوا مع إخوانهم المُسْلِمين فى دولة المرابطين حضارة متميزة.
هـ - تأملات فى مسيرة ابن ياسين الجهادية:
لقد سار ابن ياسين فى دعوته لقبائل المُلَثَّمين الصنهاجية سيرة حسنة نقية، وتدرَّج بهم من مرحلة التعريف إلى التكوين ثم التنفيذ حيث شرع فى قتال القبائل التى لم تحترم أو تُقدِّس حرمات الله، وأزال المنكرات، واعتبر ذلك جهادًا فى سبيل الله.
وقد لاحظت أن إعلان الجهاد على القبائل التى تفشت فيها المنكرات جاء بعد إعداد وشورى من أهل الحل والعقد، وبعد أن أصبحت لهم شوكة قوية وإمام مطاع، ومجلس من العلماء والفقهاء يقلبون أمور السلم والحرب.
ويكفى هؤلاء الأبطال على صحة جهادهم ما رواه مسلم فى صحيحه عن النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما من نبى بعثه الله فى أمة قبلى إلا كان له من أمَّته حواريون، وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنَّها تخلف من بعدهم خُلوف، يقولون مالا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبةُ خردل» [1].
إن حركة المرابطين كانت موفقة حيث استطاعت أن تنسق مع علماء وفقهاء سجلماسة لإسقاط الدولة الزناتية التى تفشى فيها الظلم والجور والعسف، فعندما رأوا من أنفسهم الاستطاعة والمقدرة على إزالة الظلم، ورأوا أن تحقُّقَ المصلحة كان أرجح، سارع الفقهاء والعلماء بالموافقة على مقترح ابن ياسين، وتدفَّقت جيوش المرابطين، وتعاونت مع المستضعفين وطهَّرت البلاد من هيمنة العابثين، ونشرت العدل بين المُسْلِمين، ورفعت الضرائب والمكوس عن المظلومين، وفى نظرى أن نجاح حركة المرابطين كان بتوفيق الله، ثم إن القيادة الفعلية للعلماء والفقهاء ومجلس الشورى الذى [1] صحيح مسلم رقم (50, ج1/ 70).
نام کتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 57