نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 247
ثامناً: صبره واحتسابه: الصبر سيد الأخلاق، ورفيق الدَّرب والطريق إلى الإمامة في الدَّين، والفوز العظيم، وما من خُلقُ من الأخلاق الفاضلة إلاَّ وهو يرجع إلى الصبَّر، فالصبر أساس الأخلاق الحميدة، وبذر الخير، وجماع الأمر وأصل كلمة الصَّبر هي المنع والحسن، فالصبر حبس النفس عن الجزع واللسان عن التشكيَّ، والجوارح عن لطم الخدود، وشقَّ الجيوب وحقيقة الصبَّر، وخُلقٌ فاضل من أخلاق النفس يُمتنع به من فعل مالا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها، وقوام أمرها [1]، وقيل: الصبر: هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب [2]، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى: الصبَّر في كتابه العزيز في نيَّف وتسعين موطناً تدل على وجوبه، وأضاف أكثر الدرجات والخيرات إلى الصبَّر، وجعلها ثمرة له، وجمع للصابرين بين أمور يجمعها لغيرهم قال تعالى: "أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" (البقرة، آية: 157) وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أيُّ الناس أشُّد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل يُبتلى العبد على حسب دينه، فإن كان في دينه صُلْباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقَّة ابتليَ على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة [3].
وقال الشاعر:
اصبر قليلاً وكن بالله معتصماً ... لا تعجلن، فإن العجز بالعجل
الصبر مثلُ اسمه في كل نائبة ... ج
لكن عواقبه أحلى من العَسَلِ (4)
وكان صلاح الدين رحمه الله صابراً على مُرَّ العيش وخشونته، مع القدرة التامة على غير ذلك، وكان مثلاً رائعاً في الصبر والاحتساب في ميادين الجهاد، وتلقى الصدمات، والمصائب يقول القاضي ابن شداد: ولقد رأيته، بمرج عكّا، وهو على غاية من مرض اعتراضه بسبب كثرة دمَاميل، كانت ظهرت عليه من وسطه إلى ركبتيه، بحيث لا يستطيع الجلوس، وإنما يكون متكئاً على جانبه إذا كان في الخيمة، وامتنع من مدَّ الطعام بين يديه لعجزه عن الجلوس، وكان يأمر أن يُفَّرق على الناس وكان مع ذلك قد نزل بخيمة الحرب [1] الأخلاق بين الطبع والتطبع ص 197. [2] المصدر نفسه ص 197. [3] صحيح الجامع للألباني (1/ 992) السلسلة الصحيحة رقم 143
(4) الأخلاق بين الطبع والتطبع ص 197.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 247