responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 249
خيامهم، فانظر إلى هذا الصبر والاحتساب، إلى أي غاية بلغ هذا الرجل [1] قال القاضي ابن شداد: ولقد رأيته - وقد جاءه خبر وفاة ولد له بالغ أو مراهق يسّمى إسماعيل، فوقف على الكتاب ولم يُعرَّف أحداً ولم نعرف حتى سمعناه من غيره، ولم يظهر عليه شيء من ذلك سوى أنه لما قرأ الكتاب دمعت عينه [2]، ولقد رأيته ليلة على صَفَد وهو يحاصرها، وقد قال: لا ننام الليلة حتى تُنصب لنا خمسة مناجيق [3]، ورتَّب لكل منجنيق قوماً يتولّون نصبه، وكنا طول الليل في خدمته - قَّدس الله روحه - في ألذّ فكاهة وأرغد عيشه، والرُّسُل تتواصل فتخبره بأن قد نُصب من المنجنيق الفلاني كذا، ومن المنجنيق الفلاني كذا، حتى أتى الصباح وقد فُرغ منها، ولم يبق إلا تركيب خنازيرها عليها، وكانت أطول الليالي وأشّدها برداً ومطراً، ولقد رأيته وقد وصل إليه خبر وفاة تقي الدين عمر - ابن أخيه - ونحن في مقابلة الإفرنج جريدة على الرَّمله، وفي كل ليلة تقع الصيحة فتقلع الخيام والناس تقف على ظهر إلى الصباح ونحن بالرّملة [4]،والعدو بيازور، بيننا وبينها شوط فرس لا غير، فأحضر الملك العادل، ولعم الدَّين سُليمان ابن جندر وسابق الدَّين بن الدّاية، وعز الدين المقدَّم؛ وأمر بالناس فطُردوا من قريب من الخيمة، بحيث لم يبق حولها أحد زيادة عن غلوة سَهْم، ثم أظهر الكتاب، ووقف عليه، وبكى بكاءً شديداً حتى أبكانا، من غير أن نعلم السبب ثم قال - رحمه الله والعبرة تخنقه: توفي تقي الدَّين [5]، فاشتّد بكاؤه وبكاء الجماعة، ثم عدت إلى نفسي فقلت: استغفروا الله تعالى من هذه الحالة، وانظروا أين أنتم، فيم أنتم، وأعرضوا عما سواه [6]. فقال - رحمه الله -: نعم، أستغفر الله. وأخذ يكَّررها، ثم قال: لا يعلم بهذا أحد، واستدعى بشيء من الماورد فغسل عينيه، ثم استحضر الطعام وحضر الناس، ولم يعلم بذلك أحد حتى عاد العدوّ إلى يافا، وعدنا نحن إلى النّطرون، وهو مقر ثقلنا [7].

تاسعاً: الوفاء: والوفاء من الأوضاف العلية والشيم السنية، أمر الله تعالى الخلق به ومدحهم على فعله

[1] سيرة السلطان الناصر صلاح الدين ص 82.
[2] سيرة السلطان الناصر صلاح الدين ص 83.
[3] آلة من خشب له دفّتان قائمتان بينهما سهم طويل.
[4] سيرة السلطان الناصر صلاح الدين ص 84 ..
[5] المصدر نفسه ص 84.
[6] سير السلطان الناصر صلاح الدين ص 84.
[7] المصدر نفسه ص 84.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست