responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 513
نصوحاً، وهجر أسباب المعاصي ووسائل اللهو المحرم وندم على كل ما وقع فيه في مراهقته، فأقبل على الله تعالى بتوبة صادقة واشتغل بالطاعات فأكثر من العبادة وقد علم جنوده وغيرهم ورباهم على حسن الصلة بالله تبارك وتعالى، والوقوف عند حدوده وهجر معاصيه والإقبال على طاعته وكان يهتم بالشريعة وعلمائها، يطبق الأحكام الشرعية على الرعية ويسوسها بالعدل والسوية ويقمع أهل الضلالة والفساد، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويتواضع للناس ولا يحابي محباً ولا يظلم مبغضاً، بل كان يتجاوز عن المبطل إذا خاصمه بالباطل ويحيطه بكرمه وحسن أخلاقه، وكان يأمر أهله وقواده بتوثيق الصلة بالله وبكتابه تلاوة وحفظاً وتدبراً وعملاً وكان يوصي أبناءه بتقوى الله وطاعته ويذكرهم بالموت وما بعده، وتأمل معي هذه الوصية لولد من أولاده الذين بلغوا سبعة عشرة ذكراً وهو الملك الظاهر: أوصيك بتقوى الله تعالى فإنها رأس كل خير، وآمرك بما أمرك الله به، فإنه سبب نجاتك، وأحذرك من الدماء، والدخول فيها والتقلد لها، فإن الدم لا ينام، أوصيك بحفظ قلوب الرعية والنظر في الدولة وأكابرها، فما بلغت ما بلغت إلا بمداراة الناس، ولا تحقد على أحد. فإن الموت لا يبقى أحداً وأحذر ما بينك وبين الناس، فإنه لا يغفر إلا برضاهم وما بينك وبين الله يغفره الله بتوبتك إليه، فإنه كريم [1].

إن للحكم بما أنزل الله آثار دنيوية وأخرى أخروية أما الآثار الدنيوية التي ظهرت في دولة صلاح الدين.

أ- الاستخلاف والتمكين: حيث نجد نور الدين وصلاح الدين من بعده حرصوا على إقامة شرع الله في أنفسهم وأخلصوا لله تحاكمهم في سرهم وعلانيتهم، فالله سبحانه وتعالى قواهم وشد أزرهم حتى استخلفهم في الأرض، وأقام صلاح الدين شريعة الله في دولته، فمّكن له الله عز وجل ووطأ له سلطانه وهذه سنة ربانية نافذه لا تتبدل في الشعوب والأمم التي تسعى جاهدة لإقامة شرع الله وقد خاطب الله تعالى المؤمنين من هذه الأمة واعداً إياهم بما وعد به المؤمنين قبلهم، فقال سبحانه في سورة النور "وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض". أي بدلاً عن الكفار "كما استخلف الذين من قبلهم" من بني إسرائيل [2]، فإذا حقق الناس الإيمان وتحاكموا إلى شريعة الرحمن، فستأتيهم ثمرة ذلك وأثره الباقي "وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم" (النور، آية:55) فتحقيق التحاكم إلى الدين يتحقق به الاستخلاف، وتحقيق الحكم به يوصل إلى الدين وهذا ما رأيته في دولة نور الدين وصلاح الدين.

[1] دروس وتأملات في الحروب الصليبية ص 180.
[2] تفسير الجلالين ص 466.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 513
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست