responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 431
تواصلت - مثلاً - بين نور الدين وصلاح الدين، لما طال العدوان، ولاختزلت أيام المحنة والاستنزاف .. يقيناً.
ومع غياب القيادة المؤمنة في مراحل شتى من الصراع، كانت القيادات السياسية والعسكرية تتطاحن فيما بينها فتستنزف الكثير من قدراتها من جهة، وتدير ظهرها للغزاة من جهة أخرى, وإلى جانب هذا فعدد غير قليل من الأمراء المحسوبين على عالم الإسلام مارسوا أنماطاً من الخيانة وصنوفاً من الغدر من أجل منافعهم ومصالحهم العاجلة لعبت دورها في عرقلة حركة المقاومة ووضع العراقيل والحواجز في طريقها, وكثيراً ما كان هؤلاء يوجهون طعناتهم القاضية في أشد المراحل حساسية وخطورة, فجلبوا بذلك على حركة المقاومة الكوارث والويلات، ورغم أن قيادات المجاهدين ما كانت تأبه للغدر فإنها كانت تحتاج دوماً لزمن إضافي كي تجدد القدرة على مواصلة الطريق, وفضلاً عن هذا وذاك، فإن الخليفة العباسي الذي كان يعاني الضعف وهبوط الفاعلية كان حاجزاً مكانياً وعقدياً وسياسياً أمام قيام الأمراء المجاهدين بدور «الرجل الأول» الذي يدين له العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه, والذي يستطيع من خلال مركزه القيادي الشامل أن يوظف جل الطاقات والقدرات الإسلامية من أجل المعركة ضد الغزاة. لقد كان الخليفة مجرد ظل سياسي وعسكري، ولكن تربعه قمة الهرم، وتردّده في العمل في كثير من الأحيان، أعاق مهمة احتواء التحدي من قبل رجل قيادي كبير يقف القمة شكلاً ومضموناً.
إن الخليفة إما أن يكون قادرًا على الفعل التاريخي، والتحرك الشمولي أو ألا يكون على الإطلاق. لأنه في حالة ضعفه وتهافته وعدم أخذه زمام المبادرة وحضوره الكامل في قلب الحدث، لن ينسحب بشكل نهائي لكي يتيح المجال لظهور القيادة القمة التي تمارس الحضور التاريخي، وسيبقى ظله يحجب -بشكل أو آخر- تحقق هذا الهدف الكبير، صحيح أن رجلاً كنور الدين محمود أو الناصر صلاح الدين أدّيا دورهما كاملاً ومارسا حضوراً تاريخياً فذاً, كما سيأتي تفصيل ذلك - بإذن الله - ولكن ماذا لو أن نور الدين نفسه أو صلاح الدين نفسه كان خليفة المسلمين؟
لقد انتهت الحروب الصليبية، وطهرت الأرض الإسلامية من آخر جيب للغزاة بعد قرنين من الزمن, واستطاعت حركة المقاومة أن تحقق هدفها وتطرد المعتدين عن آخرهم في نهاية المطاف, ومعنى هذا أن «الاستعمار» - أيًا كانت الصيغ التي يعتمدها والأردية التي يتزي بها والأهداف التي يسعى لتحقيقها، لن يكون - مهما طال به الأمد - بأكثر من ظاهرة عرضية موقوتة لن تقدر على مد جذورها في الأرض والتحقق بالاستمرارية والدوام، إنه أشبه بالجسم الغريب الذي يزرع في كيان غير متجانس مع مكوناته وعناصره، إن هذا الكيان

نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 431
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست