نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 209
الجماعة كما حدث في المجتمع النصراني. ولم يؤد الاختلاف في الأصل والغنى والمهنة بين مورسكي وآخر إلى تكوين طبقات مستغلة للجماعة. لذا لم تحدث في المجتمع المورسكي نزاعات طبقية، واقتصر نضال الجماعة المورسكية على نزاعها مع المجتمع النصراني. وهكذا كان المجتمع المورسكي مترابطًا موحدًا.
وكان المورسكيون يحبون العمل ويخلصون في مهنهم، بشهادة أعدائهم، على خلاف معاصريهم من النصارى. وقد نقل أحد النصارى على لسان موريسكي من البشرات قوله: "عندما تشرق الشمس يلفع وجهي شعاعها عند خروجي من بيتي إلى المزرعة، وعند رجوعي مساء يلفع قفاي شعاعها عند غروبها. ولست كالنصارى القدامى الذين يعملون في الظل". وقال نصراني معاصر آخر عن المورسكيين: "خلقهم الله ليعيشوا بأكل رديء وقليل، ويكفي أنهم لا يشربون خمرًا ليكونوا أوفر حظًّا منا".
وقد اتهم الراهب "بليدة"، عدو المسلمين اللدود، مورسكيي بلنسية بالكسل، واتهمهم بقلة العمل لقلة أكلهم، وأنهم لا يعملون سوى ثلاث إلى خمس ساعات في اليوم. وإذا كان ذلك صحيحًا، رغم تحامل بليدة المذكور على كل ما له صلة بالمسلمين، فسببه أن مورسكيي بلنسية كانوا يعملون لحساب ساداتهم من نبلاء النصارى الذين كانوا يستنزفون عرق جبينهم ويستفيدون من كل ما زاد من اجتهادهم، على عكس مورسكيي مملكة غرناطة، خاصة منطقة البشرات منها، الذين كانوا يملكون أرضهم ويكسبون من جهدهم. ورغم ذلك، فقد انهار اقتصاد مملكة بلنسية بعد طرد المورسكيين سنة 1609 م.
زار الرحالة الألماني "منذر" منطقة أراغون القديمة أيام الملكين الكاثوليكيين، وقال إن المورسكيين السرقسطيين كانوا أقوياء البنية ومتعودين على العمل الشاق، ومن أهم مهنهم الحدادة والبناء وصناعة الخزف والنجارة وتجارة الزيت، الخ ... وذكر أنه يمكن لستين منهم العيش على أرض لا تغذي سوى ربع عددهم من النصارى بسبب حبهم للعمل وقدرتهم عليه.
وكان المورسكيون في مدن إسبانيا المختلفة يحترفون كذلك بعض المهن الضرورية كالخياطة، وصناعة الحبال، والخرازة، والبيع بالمفرق، وبيع الخضر بالتجوال، الخ ... وكان هناك تباين كبير في مستوى حياة المورسكيين ونوعية أعمالهم حسب المناطق المختلفة، وفي كل منطقة حسب مدنها وقراها. فالغرناطيون الذين وزعوا
نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 209