نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 30
نزاع حاد بين أصحاب الثالوث والموحدين أتباع مذهب آريوس، واشتبكوا في حرب أهلية لا هوادة فيها. وانضم معظم أهل شبه الجزيرة الإيبرية الأصليين إلى الموحدين بينما انضم الرهبان إلى مذهب التثليث، غير أن الدولة بقيت على مذهب آريوس.
وبقي الوضع على هذا الحال إلى 8 مايو سنة 589 م حيث عقد اجتماع مجمع طليطلة الكنسي الثالث، الذي انضم إليه الملك"ريكاردو". وقد شجب القساوسة والملك مذهب آريوس في هذا الاجتماع، وتحولت الدولة من التوحيد إلى التثليث.
وتبع ذلك اضطهاد متواصل للموحدين دام سنين طويلة. وتشبث أهل الأندلس، جنوب شبه الجزيرة الإيبرية، بمذهب التوحيد ولم يرضوا عنه بديلاً. واضطروا بعد سنين من العذاب إلى إخفاء عقيدتهم الحقيقية.
وفي هذا الجو من السخط العارم وصل الإسلام إلى شمال إفريقيا، فرأى أهل الأندلس المسلمين إخوانًا لهم في الدين، واتصلوا بهم اتصال المستغيث. وهكذا هيىء فتح الأندلس بتعاون كامل بين المسلمين من عرب وأمازيغ في الضفة المغربية وأهل الأندلس الأصليين في الضفة الأندلسية، مما سهل تحرير شبه الجزيرة الإيبرية من سيطرة القوط وأهل التثليث في ظرف لم يتعد ثلاث سنين، وذلك من سنة 92 إلى 95 هـ (711 - 714 م)، أي 122 سنة فقط بعد الانقلاب الثالوثي، لدرجة أن بعض المفكرين الإسبان المعاصرين نعتوا هذا الفتح الإسلامي للأندلس بثورة إسلامية في الغرب.
وهكذا دخلت منطقة لا تقل مساحتها عن 700.000 كيلومتر مربع دار الإسلام.
وهي تضم معظم دولة إسبانيا الحالية، عدا منطقة جبلية شمال غربية التي تغطيها اليوم مقاطعتا البسك وآشتورياش، كما كانت تضم كل دولة البرتغال وقسمًا كبيرًا من جنوب فرنسا بما في ذلك مدن أربونة وقرقشونة ونيمش. ولقد أعطى المسلمون الحرية المطلقة للأهالي في اختيار دينهم، فبقيت قلة على المذهب الثالوثي النصراني، ورجعت الأكثرية إلى المذهب الموحدي الأريوسي. ومع مر الزمن، وفي ظرف لم
يتعد القرن الواحد، انضم جميع الموحدين إلى الإسلام ودانوا به، وأصبحت اللغة العربية لغة حضارتهم وثقافتهم بينما حافظوا على اللغة الأعجمية في مخاطباتهم الخاصة. وانضم إلى هذه الملايين من أهل البلد الأصليين الذين أسلموا اختيارًا وحبًّا في الإسلام سيل صغير من المهاجرين العرب والأمازيغ وغيرهما اندمجوا فيهم. كما حدث بالضبط بالنسبة للمغرب.
نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 30