وقد إرتكب - في تلك الأثناء - جرائم تشمئز منها الإنسانية وتدينها. وعندما وقع تقتيل قبيلة العوفية، فإن السيد الدوق دوروفيكو قد ارتكب جرائم مماثلة للتي ذكرناها: لقد ذبحت النساء والأطفال، وقطعت الآذان للاستيلاء على الأقراط المعلقة بها؛ ولم يكن الهدف من كل تلك الجرائم إلا الجشع والنهب. ومثل تلك الاعمال الوحشية تسيل دعوعا من الدم.
وهكذا، إذن، ثم تنصيب علي باي كبباشا لتونس، وأبرمت معه معاهدة مخزية له، من جملة شروطها ألا يسلح حصن الكاف الذي هـ عبارة عن ممر ضيق منيع يقع في الحدود الفاصلة بين المملكتين. ومن الشروط، أيضا أن العلم الوطني عندما يرفع، لا ينبغي أن يكون إلا في وسط الصاري. وعندما يصل أحد مراكب الدولة الجزائرية إلى ميناء تونس، فإن قائد ذلك المركب هو الذي يتولى قيادة الميناء طوال المدة التي يقيمها فيه، أما وكيل الجزائر أو المكلف بشؤونها ووكيل باي قسنطينة فإنهما يحترمان كما يحترم سفراء البلاطات الأوروبية.
وزيادة على ذلك، فقد تعهدت إيالة تونس بأن ترسل كضريبة سنوية حمولة سفينة من الزيت وعددا كبيرا آخر من الهدايا التي تصنعها أو تستوردها [3].
وعاد ذلك الجيش المنتصر إلى الجزائر محملا بكنوز ثمينة. ومنذ ذلك الحين، صارت تونس تعتبر تابعة للجزائر، وقد احترق التونسيون [3] يقول الحاج أحمد المبارك في (تاريخ حاضرة قسنطينة)، ص 20 (ودخل علي باشا إلى تونس، ونزلت محلة الجزائر وحسين كلياني بالجزائرية وهو موضع قرب تونس حتى استراحوا وأخذوا من علي باشا ما شرطوه عليه ورجعوا إلى بلدهم).