نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 263
واعلم أنَّ الحرص على الشرف يستلزم ضرراً عظيماً قبل وقوعه في السّعي في أسبابه، وبعد وقوعه بالحرص العظيم الذي يقع فيه صاحب الولاية من الظُّلم والتكبر وغير ذلك من المفاسد [1]. وأما القسم الثاني، طلب الشرف والعلوِّ على الناس بالأمور الدينية كالعلم والعمل والزهد، فهذا أفحش من الأول، وأقبح فساداً وخطراً، فإن العلم والعمل والزهد إنما يطلب به ما عند الله من الدرجات العُلى والنعيم المقيم، القُرب منه، والزُّلفى لديه [2]، وأما طريقة العلاج من الحرص المذموم، فيكون بالزهد وفيه أسباب عديدة منها:
ـ نظر العبد إلى سوء عاقبة الشرف في الدنيا بالولاية والإمارة لمن لا يؤدي حقها في الآخرة.
ـ نظر العبد إلى عقوبة الظالمين والمتكبرين، ومن ينازع الله رداء الكبرياء.
ـ نظر العبد إلى ثواب المتواضعين لله في الدنيا بالرفعة في الآخرة، فإن من تواضع لله رفعه الله.
ـ وليس هو في قدرة العبد ولكنه من فضل الله ورحمته ما يعوِّض الله عباده العارفين به الزاهدين فيما يغني المال والشرف مما يعجِّلُهُ الله لهم في الدنيا من شرف التقوى وهيبة الخلق لهم في الظاهر، ومن حلاوة المعرفة والإيمان والطاعة في الباطن، وهي الحياة الطيبة التي وعدها الله لمن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن وهذه الحياة الطيبة لم يذقها الملوك في الدُّنيا ولا أهل الرياسات، والحرص على الشرف كما قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجادلونا عليه بالسيوف. ومن رزقه الله ذلك اشتغل به عن طلب الشرف الزائل، والرياسة الفانية [3]، قال تعالى: ((وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ)) (الأعراف، الآية: 26) وقال: ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)) (فاطر، الآية: 10). فالحسن بن علي رضي الله عنه يحذرنا من الحرص المذموم ولذلك قال: الحرص عدو النفس وبه أخرج آدم من الجنة [4]. [1] ما ذئبان جائعان صـ 43، 35. [2] المصدر نفسه صـ 47. [3] ما ذئبان جائعان صـ 75، 76. [4] علموا أولادكم حب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم صـ 131.
نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 263