نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 538
"إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم" [1]. ولو أن معاوية بايع عليًّا لقوي به على أخذ الحق من قتلة عثمان، فصح أن الاختلاف هو الذي أضعف يد عليّ على إنفاذ الحق عليهم، ولولا ذلك لأنفذ الحق عليهم كما أنفذه على قتلة عبدالله بن خباب [2]، إذ قدر على مطالبة قتلته [3].
وينقل ابن العربي وجهة نظر علي بقوله: وعليّ يقول: لا أمكّن طالبًا من مطلوب ينفذ فيه مراده بغير حكم ولا حاكم [4] ثم يعقب: أما وجود الحرب بينهم فمعلوم قطعًا، وأما كونه لهذا السبب، أي بسبب الخلاف حول القصاص من قتلة عثمان، فمعلوم كذلك قطعًا، وأما الصواب فيه فمع عليّ، لأن الطالب للدم لا يصح أن يحكم، وتهمة الطالب للقاضي لا توجب عليه أن يخرج عليه، بل يطلب الحق عنده، فإن ظهر له قضاء وإلا سكت وصبر، فكم من حق يحكم الله فيه .. وأي كلام كان يكون لعليّ -لما تمت له البيعة- لو حضر عنده وليّ عثمان وقال له: إن الخليفة قد تمالأ عليه ألف تسمة حتى قتلوه، وهم معلومون، ماذا كان يقول إلا أثبت وخذ، وفي يوم يثبت، إلا أن يثبتوا هم - أي قتلته- أن عثمان كان مستحق للقتل، وبالله لتعلمن يا معشر المسلمين أنه ما كان يثبت على عثمان ظلم أبدًا، وكان يكون الوقت أمكن للطلب وأرفق في الحال، وأيسر وصولاً إلى المطلوب [5]. إن عليًّا كان رضي الله عنه إمامًا، ان كل من خرج عليه باغ، وإن قتاله واجب حتى ينقاد إلى الحق، ولا شك أن ردّه على أهل الشام بدخولهم في البيعة ثم يطلبون الحق -أي القصاص من قتلة عثمان- كان في ذلك أسد رأيًا وأصوب قيلاً؛ لأنه لو اقتص من قتلة عثمان، والأمر لم يستتب له بعد لتعصّب لهؤلاء قبائلهم، فتصير حربًا ثالثة، فكان ينتظر أن يمسك بزمام الأمر، ليقع الطلب من هؤلاء الجناة، ويجري القضاء فيهم بالحق [6]. وذكر عبد القاهر البغدادي في كتاب "الإمامة" ما هذا نصه: أجمع فقهاء الحجاز
(1) "البخاري"، كتاب الاعتصام (8/ 142). [2] قتلته الخوارج، وسيأتي الحديث عنه بإذن الله.
(3) "الفصل في الملل والنحل" (4/ 162).
(4) "العواصم من القواصم" ص (163).
(5) "تحقيق مواقف الصحابة" (2/ 161).
(6) "أحكام القرآن" لابن العربي، وتحقيق مواقف الصحابة" (2/ 161).
نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 538