نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 539
والعراق من فريقي الحديث والذين منهم: مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي والجمهور الأعظم من المتكلمين أن عليًّا مصيب في قتاله لأهل صفين، كما قالوا بإصابته في قتل أهل الجمل، وقالوا أيضًا: لأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له، ولكن لا يجوز تكفيرهم ببغيهم [1]. ويلخص ابن تيمية رأي عليّ رضي الله عنه في قوله: فهو يرى أنه يجب على معاوية وأصحابه طاعته ومبايعته .. وأنهم خارجون عن طاعته، يمتنعون عن هذا الواجب، وهم أهل شوكة، رأى أن يقاتلهم حتى يؤدوا هذا الواجب، فتحصل الطاعة والجماعة [2].
إنّ تأخير عليّ رضي الله عنه إقامة الحدّ الشرعي على قتلة عثمان، كان عن ضرورة قائمة ومعلومة بالنسبة له فلما انتقل من المدينة إلى العراق ليكون على مقربة من الشام انتقل معه قتلة عثمان المندسّين في جيشه وهم كثرة، ولاسيما أهل الكوفة والبصرة منهم، فصاروا في معقل قوتهم وعنجهية قبائلهم، فكان عليّ يرى أن إقامة الحدّ عليهم سيفتح عليه بابًا ربما لا يستطيع سدّه بعد ذلك، وقد انتبه لهذه الحقيقة الصحابي الجليل القعقاع بن عمرو التميمي وتحدث بها مع أم المؤمنين وطلحة والزبير رضي الله عنهم فأذعنوا له وعذروا عليًّا، ووافقوا على موقفه ذاك، ورأيه السديد المتمثل في دفع أدنى المفسدتين، وارتكاب أخف الضررين، إن السياسة الحكيمة تقضي بما كان ينادي به. أمير المؤمنين علي رضي الله عنه من: التريث والأناة وعدم الاستعجال؛ إذ إن الأمر يحتاج إلى وحدة الصف والكلمة لإيجاد موقف موحد، ومواجهة ذلك التحدي الذي يهدد مركز الخلافة، بيد أن الخلاف في الرأي أضعف مركز الخليفة الجديد، وقضى على كل الآمال في أخذ القصاص من قتلة عثمان [3]، وهناك أدلة قوية تبين أن عليًّا كان محقًّا أكثر من طلحة والزبير ومعاوية رضي الله عنهم منها:
1 - ما رواه البخاري من طريق أبي سعيد الخُدري نهت عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ويح عمّار تقتله الفئة الباغية" [4]. يقول ابن حجر: وفي هذا الحديث علم
(1) "أعلام النصر المبين" لابن دحية، و"تحقيق مواقف الصحابة" (2/ 162).
(2) "مجموع الفتاوى" (35/ 72).
(3) "تحقيق مواقف الصحابة" (2/ 163).
(4) "البخاري"، كتاب الجهاد (3/ 207).
نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 539