نسبق، فقام رجل من بني مازن بن فزارة فقال: يا قوم إن قيساً كان
كارهاً لأول هذا الرهان، وقد أحسن في آخره، وإن الظلم لا ينتهي إلا إلى
شر، فأعطوه جزوراً من نعمكم. فأبوا. فقام إلى جزور من إبله فعقلها ليُعطها قيساً ويرضيه، فقام ابنه
فقال: إنك لكثير الخطأ، أتريد أن تخالف قومك وتُلحق بهم خزاية بما ليس عليهم، فأطلق الغلام
عقالها، فلحقت بالنعم. فلما رأى ذلك قيس بن زهير، احتمل ومن معه من بني عبس، فأتى على ذلك
ما شاء الله. ثم إن قيساً أغار فلقي عوف بن بدر فقتله، وأخذ إبله، فبلغ ذلك بني فزارة فهمّوا بالقتال
وغضبوا، فحمل الربيع بن زياد أحد بني عوف بن غالب بن قُطيعة بن عبس دية عوف ابن بدر،
مائة عُشراء متلية - والعُشراء التي أتى على حملها عشرة أشهر من ملحقها، والمتالي التي نتج
بعضها والباقي يتلوها في النتاج. وأم عوف وأم حذيفة بنت نضلة بن جوية بن لوذان بن عدي بن
فزارة - واصطلح الناس، ومكثوا ما شاء الله. ثم إن مالك بن زهير أتى امرأة يقال لها مليكة بنت
حارثة، من بني غراب بن فزارة، فابتنى بها باللقاطة قريباً من الحاجر. فبلغ ذلك حذيفة بن بدر،
فدس له فوارس على أفراس من مسانّ خيلهم، وقال لا تُنظروا مالكاً إن وجدتموه أن تقتلوه، والربيع
بن زياد بن عبد الله بن سفيان بن قارب العبسي، مجاور حذيفة بن بدر، وكانت تحت الربيع بن زياد
معاذة بنت بدر، فانطلق القوم فلقوا مالكاً فقتلوه، ثم انصرفوا عنه فجاؤوا عشية، وقد جهدوا أفراسهم،
فوقفوا على حذيفة، ومعه الربيع بن زياد، فقال حذيفة: أقدرتم على حماركم؟ قالوا: نعم، وعقرناه،
فقال الربيع: ما رأيت كاليوم قط، أهلكت أفراسك من أجل حمار. فقال حذيفة لما أكثر عليه الربيع
من الملامة، وهو يحسب أن الذي أصابوا حمار: إنّا لم نقتل حمارا، ولكنا قتلنا مالك بن زهير، بعوف
بن بدر. فقال الربيع: