قال أبو عبيدة فلم يزل الفرزدق وجرير يتهاجيان حتى هلك الفرزدق. وقال الفرزدق:
إنّ الذي سَمكَ السّماءَ بَنى لنا ... بيتاً دَعائمُهُ أعَزُّ وأطوَلُ
سمك السماء رفعها سمكها يسمكها سمكا، قال أبو عثمان، وحدّثني الأصمعي عن أبي عمرو بن
العلاء، قال: كنت باليمن فأتيت دار قوم أسأل عن رجل، فقال رجل اسمك في الريم، أي اعل في
الدرجة - قال والريم بكلامهم الدرجة - والمسماك العمود الذي يقيم البيت، وقال ذو الرمة يصف
الظليم:
كأنّ رِجلَيهِ مِسمَاكَانِ مِن عُشَرٍ ... صَقبانِ لم يَتقشَّرْ عنهما النَّجَبُ
الصقب الطويل، ودعائم البيت العيدان التي تقيمه، وقوله أعز وأطول أراد أعز وأطول من بيتك،
فلما صار في موضع الخبر استغنى عن من لقوة الخبر، وخرج مخرج الله أكبر الله أعلى وأجل.
وفي كتاب الله جل وعز {وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} وقوله تعالى {إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} أي من
كذا مما يقولون. قال أبو جعفر: سمعت في التفسير في قوله تعالى {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى
وَأَمَرُّ} يعني يوم القيامة أدهى، وأمر يعني من يوم بدر، وقوله {إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} أي
وأحسن تفسيراً من مثلهم.
بَيتاً بنَاهُ لنا المليكُ وما بَنى ... حَكمُ السماءِ فإنهُ لا يُنقَلُ