انتقض ملكه وفسد، وإذا استقام ملكه واطرد أمره وحكمه قالوا: استوى على عرشه، واستقر على سرير ملكه"[1].
قال الآلوسي: "واختار كثير من ال خلف أن المراد بذلك: الملك والسلطان، وذكره لبيان جلالة ملكه وسلطانه- سبحانه- بعد بيان عظمة شأنه وسعة قدرته بما مر من خلق هاتيك الأجرام العظيمة"[2].
الرد عليهم:
ما ذهب إليه هؤلاء المخالفون من تفسير معنى العرش الوارد في الآيات بمعنى الملك، إنما هو تاويل باطل، وصرف للفظ عن معناه إلى معنى آخر لا يحتمله.
والمتامل لهذا القول يرى ما فيه من التلبيس والمخالفة.
فقد سبق أن ذكرنا في المبحث اللغوي لكلمة عرش، أن لهذه الكلمة عدة معاني في اللغة العربية، ومن المعلوم أن معرفة المعنى المراد من تلك المعاني لهذه الكلمة أو غيرها، إنما يتحدد بحسب سياق الكلمة، وبحسب ما أضيفت إليه، وليس في سياق الآيات ما يثبت صحة ما ذهبوا إليه، كفا أن ما استدل به هؤلاء المخالفون من الأبيات الشعرية ليس إلا دليلا على أن الملك هو من المعاني اللغوية لكلمة عرش، وهذا أمر لا خلاف عليه، وهذا الاستدلال يماثل ما لو استدللنا على أن من معاني كلمة العرش السقف بقوله: {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} ،
1 "التفسير الكبير" للرازي: ص 143، 1115.
2 "روح المعاني": (11/ 56) .