أما مع ثبوت كونها سنة تقريرية فلا يصح الحكم عليها بأنها بدعة حسنة هذا ليس تأدبا مع سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما مع ضعف الأحاديث والآثار في التسبيح على النوى يقلب عليه الأمر تطبيقا للشرط الذي ذكره ويقال أنها بدعة؛ لأنها تصادم سنة العقد على الأصابع التي أرشد لها النبي صلى الله عليه وسلم وعلله بأنهن مستنطقات يوم القيامة.
السادس – قوله في الشرط الرابع: (أن يراها المسلمون أمراً حسناً، بعد أن لا يكون فيها مخالفة للكتاب أو السنة أو الإجماع) كلامه صريح في أن كلا منهما شرط منفصل عن الآخر مع أن لازم كلامه أن يكونا شرط واحد بمعنى أن كل ما هو غير مخالف للأدلة لا يراه المسلمون إلا حسنا.
ويلزم من عدّه لهما كشرطين منفصلين أنه قد يوجد أحدهما دون الآخر وهذا يدخله في لوازم باطلة كأن يرى المسلمون الأمر حسنا مع أنه مخالف للأدلة، وكذا عكسه بأن يكون غير مخالف للأدلة ويراه المسلمون غير حسن، وهذا يفتح باب التشهي في التحسين والذم للبدع.
وعلى كل حال فسوف يأتي الجواب عن أثر ابن مسعود رضي الله عنه وبيان أن المقصود منه إما العهد أي الصحابة للاتفاق على حجية أقوالهم وأفعالهم دون غيره، أو يكون مقصود بها الجنس فتكون إجماعا والأمة لا تجتمع على ضلالة، وأما الاستدلال به على تحسين ما يراه دون غيره هو من محدثات فلا يدخل في هذا الشرط على جميع احتمالاته.
وأما تمثيله لذلك بأذان عثمان، وتحديد ركعات التراويح في رمضان بعشرين ركعة فسوف يأتي بإذن الله بيان أنهما ليسا من البدع بحال، فالله المستعان.
فظهر مما سبق ما في شروطه من نظر وانه لو طبق يعضها لكانت حجة عليه لا له.
الخامس [1] – قال الشيخ أحمد نجيب في "أقوم السنن" (ص/58): (إن إطلاق القول بأن الصحابة قد ابتدعوا بدعا حسنة، وأنها حسنة مشروعة، واعتبارها بدعة مستحسنة يلزم منه ضلال بعيد، فمن لوازمه أن يقال: إن إبليس أيضا قد ابتدع (أو سن) سنة حسنة حين ارشد إلى قراءة آية الكرسي عند الإيواء إلى الفراش، لتكون حرزا لقارئها من الشيطان حتى يصبح فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "وكلني [1] من وجوه التعقب على الشبهة الأصلية وليس على التعقيب.