الثالث – حصره البدعة في الأمور التعبدية مع فتحه الباب للاستدراك على الشرع بحجة عدم مخالفة النصوص وشهود القواعد العامة للشريعة للعبادات المخترعة تناقض ومخالفة لعموم أدلة ذم البدع وتخصيص لها بلا مخصص كما سبق وسيأتي بإذن الله تعالى.
الرابع – وأما ما ذكره في الشرط الثاني من اندراج البدعة الحسنة تحت أصل من أصول الشريعة أو أمر عام ونحو ذلك فقد سبق تأصيل قاعدة: " لا يجوز إثبات نوع من العبادات لدخوله تحت الدليل العام فقط، بل لا بد من دليل خاص"، ويدخل في الدليل الخاص فهم وقول وعمل الصحابة - رضي الله عنهم – فالعمل بالأدلة الشرعية لابد وأن يكون مقيداً بعمل السلف الصالح بها.
وأما ما مثل لذلك ببدعة الاحتفال بالموالد فإنه يحتاج لمجلد للرد عليه لبيان ما يقع فيه من شرك ومعاص ومنكرات تخالف الشريعة هذا على فرض كونه من الوسائل فقط، وأما أن كان وسيلة ومقصد يتقربون به لله عزوجل فإن محور الرد يعود للشرط الأول وكما سبق بيان فساده.
الخامس – وأما قوله في الشرط الثالث: (أن لا تصادم البدعة نصاً من نصوص الشريعة، ولا يكون في فعلها إلغاء لسنة من سنن الدين) فهو شرط طردي في كل البدع؛ لأن جميعها يكون مصادما ومناقضا للدين، ونطبق ذلك على المثال الذي جاء به لتطبيق هذا الشرط عليه وهو السبحة.
وكلامه غير متزن في الاستدلال لها: فتارة يجعلها من الوسائل وأنها مما لا يتم المشروع إلا به فتكون مشروعة.
وتارة يجعلها سنة تقريرية أقر النبي صبى الله عليه وسلم امرأة وفي بعض الروايات أنها صفية رضي الله عنها، وان الصحابة كانوا يسبحون بالنوى والحصى.
وكل ما ذكر من أحاديث وآثار في التسبيح على النوى والحصى لا يثبت وقد توسع الشيخ الألباني في "الضعيفة" لبيان عللها.
إلا أن العجيب أنه يستدل مع اعترافه بأنها من السنن التقريرية على كونها بدعة حسنة، وأن من ينكر على من يستعملها هو المبتدع؛ لأنه مصادم للسنة الثابتة على حد قوله.
والمثال على تقريره السابق لا يساعده؛ لأنه لن يكون من البدع الحسنة بل من السنة التقريرية بالإضافة إلى فعل الصحابة لها وهو لا تقع منهم بدعة.
ولذلك لا يسلم له هذا المثال على كلا التقديرين: