وسلم، فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد، ثم قال: «أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها».
فالحديث صريح في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم القيام بأصحابه ثلاث ليال وأنه ترك المواظبة خشيت أن تفرض عليهم ويعجزوا عنها.
فعلى ذلك لا يصح أن توصف صلاة القيام بأنها بدعة ولذلك فلابد من تأويل قول سيدنا عمر رضي الله عنه، والأقرب أنه لم يرد أصل الصلاة بل أراد المواظبة عليها كل يوم، وحتى على هذا المنحى لا تكون بدعة شرعية؛ لأنها من سنة الخلفاء الراشدين ويدل عليها إجماع الصحابة فهي ليست بمخترعة بل هي مما يدل عليه دليل شرعي.
وعلى هذا فلا يصح أن يوصف ما فعله الخليفة الراشد وأجمع عليه الصحابة بدعة شرعية لا محمودة ولا مذمومة، فلقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتمسك بسنتهم سواء أكانت راجعة لسنته صلى الله عليه وسلم أم اجتهادية.
إلا أن الظاهر من صنيعه أن ما حدث في عصرهم يسميه بدعة شرعية حسنة، وسوف يأتي مناقشته قريبا بإذن الله في ذلك، وحتى بالفرض جدلا صحة إطلاق بدعة حسنة عليها، فالأمر لا يساعده على تعديتها لغيرها مما لا يدخل تحت دليلها: من دلالة سنة الخلفاء وإجماع الصحابة عليه، فهذه المسألة أقوى وأشد من استدلاله بأفعال الصحابة والتي سبق الرد عليها، وعليه فلا يصح تعدية التسمية لغيرها مما يعتبره هو وأضرابه بدعا حسنة مما ظهر بعد عصر الصحابة أو استحدثه بعض أقطاب ومشايخ التصوف لمريديهم من أذكار ووظائف وأحوال لم يرد بها الشرع.
- والأمر أقوى وأشد في صلاة الضحى فهي لا تدخل في تعريفه على أي احتمال وذلك لثبوت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لها ووصيته لبعض صحابته بالمواظبة عليها وتقريره لأهل قباء على صلاتها.
ومن ذلك:
- ما رواه مسلم في "صحيحه" عن عائشة، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله».
- ما رواه أحمد وابن خزيمة وغيرهما عن علي رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الضحى» حسن إسناده الشيخ الألباني، وقواه الشيخ الأرناؤوط.