نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 104
والحانات، والسهرات الباريسية، وأعتبر
ذلك تحقيقا لوجودي.. فلم أجد إلا السراب.. فقد كنت أشعر بالوحدة القاتلة حتى قلت: (أصحبت
راشدًا وحيدًا، لا أب ولا أم ولا مقر لي، وأكاد أكون بلا اسم)[1]..
لقد صارت الحياة بالنسبة لي كابوسا مرعبا
يولد فيه (كل إنسان بلا مبرر، ويستمر في ضعف، ويموت بلا هدف)
سكت قليلا، ثم قال: صدق [بوخينسكي] أستاذ
الفلسفة بجامعة (فريبورج) بسويسرا حين قال تعليقا على تلك الآراء الممتلئة
بالشذوذ: (ليس في وسعنا هنا سوى الاقتصار على ذكر النتائج الأخلاقية التي تربت على
هذه الفلسفة، والتي تمثلت في نكران كل القيم، وكل القوانين الموضوعية، وفي ادعاء استحالة
وعدم جدوى الحياة الإنسانية، بل إن الوجودية قد أرغت حتى ظاهرة الموت نفسها من معناها
على يدي سارتر.. ومن نتائج الوجودية أيضًا، دعوتها إلى التشكيك في جدوى قيام كل ما
يتسمم بروح الجد وطابعه، فهي فلسفة انحلالية عدمية تمامًا)[2]
لكني مع ذلك، ومع كثرة الانتقادات التي
ووجهت بها أفكاري الموغلة في التطرف.. لم أكن أجد حلاوة إلا في التعبير عنها..
وكأن الشيطان هو الذي كان يمليها علي، لأدمر بها كل القيم الإنسانية الرفيعة.
لقد كتبت سنة 1943م كتابي الضخم [الوجود
والعدم]، والذي دعوت فيه إلى الفلسفة الوجودية، مختصرا الوجود في كونه ليس سوى (صراع
عبثي بين الحريات، فكل حرية تحاول أن تفني الأخرى، حتى تحتفظ باستقلالها السيادي)[3]
[1] وجود الله وصوَّر
الإلحاد، القس أنجيلوس جرجس، ص 85.
[2]
في كتابه (تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا ) ترجمة ( محمد عبدالكريم الوافي ).