نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 112
كل الأرض.. وحينها سنتهمه بأنه يُقلِق راحتنا.. .. أو لعلنا
كنا نطلب منه أن يتجسد في صورة إنسان.. أي أن يكون إنساناً مثلنا حتى نتأكد أنه
موجود..
ربما كان الكثير منا يفعل ذلك .. فبعضهم يقول: سأؤمن بوجود
الله إذا شفى أبي. وآخر سأؤمن به إذا جعلني غنياً.. وآخر إذا جعل حياتنا أكثر
عدلاً.. وآخر سأؤمن به إذا رأيته بعيني ولمسته بيدي.. وآخر سأؤمن به إذا أعطاني
إجابات منطقية لكل تساؤلاتي [1] ..
سكت قليلا، ثم قال: هذا كله كذب وزور، فالوجود الحسي ليس سوى
لون من ألوان الوجود.. وهناك أشياء كثيرة ترتبط بنا، ونستعملها، ومع ذلك لا ندركها
إلا من خلال آثارها.. من غير أن تستطيع حواسنا البسيطة المحدودة أن تدركها.
سأضرب لكم مثالا على ذلك .. وهو عالم الرؤى العجيب.. والذي
جعله الله فرصة لنا لنعرف من خلاله أنواعا أخرى للوجود غير عالم الحس الذي نعيشه..
فلو أن البشر لم يتسن لهم أن يحلموا، ثم أخبرهم شخص أنه ـ وعند نومه، وفي حال توقف
جميع مداركه الحسية ـ يسمع ويرى ويتحرك ويشم، ويمارس كل طاقاته، بل يعطى من الطاقات
ما لم يعط مثله في اليقظة لسارعوا بالتكذيب.. فهم لم يدركوا ما أدرك.
وهكذا يقال للمدافعين عن الإلحاد.. ومنهم أنا.. فمن أين لنا
بانحصار الوجود في العالم الذي تدركه حواسنا؟
وهل حواسنا هي التي تتعرف على الأشياء، أم أنها هي التي
تنشئها؟
سكت قليلا، ثم قال: لو أننا ـ معشر الملاحدة ـ رجعنا إلى
أنفسنا، وطبقنا هذا الضابط الإلحادي على دعاوانا لاستحيينا أن نجزم على الأقل
بالإلحاد.. فهل اطلعنا على كل الكون بكل جزئياته وتفاصيله حتى نحكم بعد ذلك على
خلو الكون من إله؟
[1] انظر مقالا بعنوان: هل
الله موجود؟ موقع المعرفة.
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 112