نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 116
الانطلاق منه، يبقى مستقبلا، والماضي، رغم أنه إليه يُوصل،
يبقى ماضيا. النتيجة (كل هذا هو بَيّن الجنون)[1]
كنت أقول هذا ردا على زميلي في الوجودية [هايدغر]، والذي
أراد أن يحقق ذاته من غير أن يحكم بالإعدام على خالقه، لأن عقله لم يستطع أن يهضم
كونا من دون مكون.
لقد قال لي [هايدغر] حين عرضت عليه ذلك الإشكال الذي تصورت
أنه يقضي تماما على كل البراهين الدالة على الله.. قال لي بشفقة: (إن جسم الإنسان
هو أساسا شيء آخر أكثر من مجرد كائن عضوي حيواني)
وقال لي: (أن يكون بإمكان الفيزيولوجيا والكيمياء دراسة الإنسان
كهيئة عضوية من وجهة نظر العلوم الطبيعية، فذلك ليس بدليل على أن ماهية الإنسان
تكمُن في [الخاصية العضوية] أي في الجسم المفسر علميا. فشبيه بهذا ادّعاء حصر
ماهية الطبيعة في الطاقة الذرية؛ إذ من الممكن جدا أن تكون الطبيعة قد أخفت بالضبط
ماهيتها في ذلك الجانب الذي تقدمه للهيمنة التقنية من طرف الإنسان.. فكما أن ماهية
الإنسان لا تقوم في أن يكون عضوية حيوانية، كذلك القصور الذي يطبع هذا التحديد
الماهوي للإنسان، لا يقصى ولا يختزل، حين نخص الإنسان بنفس خالدة وبملكة عقلية، أو
بالخاصية التي تجعل منه شخصا)
وقال لي آخر، وهو يخاطبني مع مجموعة من الملحدين: (حسنا؛
ستكون أطروحتكم صحيحة لو أضَفتم: إلينا نحن.. إذا قلتم إنه بالنسبة إلينا نحن،
يعني بالنسبة إلى طبيعة ذهننا المرتبطة بالحواسّ، فإنّ وجود شيءٍ ما، لا يتمظهر
إلا بواسطة الإدراك الحسي، ولا ينطبق إلا على هذا العينيّ المُشار إليه فقط، الذي
يتمظهر بتلك الصيغة، نستطيع أن نطبّق مفهومَكم