نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 117
للوجود، وما عدا ذلك فإن أطروحتكم غير جائزة. فعلا، من الذي
سمح لكم بأن تُنصّبوا ما هو نسبي إلينا على أنه قانون كونيّ، أن تجعلوا من طبيعة
ذهننا المعيار المطلق للكون، من مفهومنا للوجود المفهوم الوحيد الصحيح؟ مَن الذي
أذِنَ لكم باستبعاد أن يكون هناك موجود ذو طبيعة مختلفة عن ذاك الوجود الذي هو
موجود أو يظهر موجود بالنسبة إلينا؟)[1]
وقال لي آخر، وهو [ألبير كامو]، وهو
يعاتبني بقسوة، ويشير إلى حواسي بسخرية[2]: (إنك تستطيع إدراك وحساب الأحداث من خلال العلم، ولكنك لا تستطيع إدراك
الكون.. فهذه الشجرة، يمكنك أن تشعر بقسوتها، وهذا الماء يمكنك تذوقه.. وذلك
الهواء يشعرك بالبرودة، ولابد أن تدرك كل هذا .. لكن جميع المعلومات الموجودة
لدينا حول حقيقة العالم الذي نعيش فيه تنتقل إلينا عبر الحواس الخمس.. والعالم
الذي نعرفه يتألف مما تراه عيوننا، وتشعر به أيدينا، ونشمه بأنوفنا، ونتذوقه
بألسنتنا، ونسمعه بآذاننا. إننا لا نفكر أبداً في أن العالم الخارجي يمكن أن يكون
شيئاً مختلفاً عما تقدمه لنا حواسنا باعتبار أننا نعتمد فقط على هذه الحواس منذ
ولادتنا)
وقال لي آخر، وقد كان عالما كبيرا في
الفيزيولوجيا، وهو يحدثني بلغة علمية حية، وكأنه يسخر من لغتي الفلسفية العقيمة،
التي لا تعدو أن تكون مجرد خواطر مهلوس: (إن ما ندركه كعالم خارجي هو فقط نتيجة
تحفيز العقل بواسطة الإشارات الكهربائية التي ترسلها إليه الأعضاء الحسية، وذلك
حسب النتائج العلمية. فالتدرج المتعدد للألوان الذي تدركه بواسطة حس النظر، وشعور
القساوة أو الليونة الذي ينتقل إليك بواسطة اللمس، والتذوق الذي تمارسه بلسانك،
وإشارات الصوت المختلفة والأصوات التي تسمعها بأذنك، وأنواع الروائح التي تشمها،
وعملك، وبيتك، وكل ما تملكه.. كل ذلك يتألف بصورة خالصة
[1] مارتن هايدغر، رسالة في
النزعة الإنسانية، ترجمة، مينة جلال، مجلة مدارات فلسفية، العدد السادس، صيف 2001.
[2] انظر هذه النصوص وغيرها
في مقال علمي بعنوان: [الإدراك لدى الإنسان، وحقيقة الروح]
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 117