responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 235

كنت أسعى كل جهدي لتصوير الإله بكونه منتوجا بشريا محضا.. وأنه لا وجود له في الحقيقة إلا في الضمير الإنساني المغفل واللاعقلاني.

لقد قلت هذا تحت تأثير تلك الحركة الساخطة على المسيحية ورجال الدين المسيحي الذين صوروا أنفسهم ورثة للمسيح نفسه، والذي يعتبرونه إلها، أو ذا طبيعة مزدوجة بين الإله والإنسان.. وكانوا يتحدثون عنه كما يتحدثون عن الإنسان.. وذلك أول ما أوحى لي هذه الفكرة التي تصور البعض أنها من إنتاجي بينما لم تكن في الحقيقة إلا نتاج أولئك الرجال الذين اتشحوا بلباس الدين، وصوروا أنفسهم أوصياء عن الله، وراحوا يتحدثون باسمه.

يمكنكم اعتبار موقفي هذا، وإلحادي من نوع [الإلحاد الانتقامي]، لأني لم أذكر في كتبي ولا محاضراتي أي دليل على نفي وجود الله.. ولم أناقش كل ذلك الركام الذي وضعه الفلاسفة والمفكرون وعلماء الدين للبرهنة على وجود الله.. إنما اكتفيت فقط بأن أجلس على أريكتي، لأبرر وجود الدين ووجود الإله، بكل برودة وسخافة.

مع العلم أن كل مواقفي كانت مرتبطة بالبيئة التي ولدت فيها، وعشت بينها، ومت وأنا في أحضانها، فأنا لم أتحرك من أوروبا لأرى العالم وأديانه ومذاهبه وفلسفاته حتى أطلع على ما ينير عقلي للحقيقة، فقد كنت مشغولا في معظم وقتي في حماية مصنع زوجتي الذي كان يهتز كل حين، ويصيبه من الكساد ما يملؤنا بالتشاؤم إلى أن سقط أخيرا، وصرنا شحاذين نأكل فتات موائد الناس.

ربما كان من أسباب كتابتي لتلك الأفكار الشيطانية هو إرضاء ذلك الواقع الساخط على الأديان، والذي كان لا مناص لي من إرضائه، فحياتي كانت متوقفة عليه..

قال ذلك.. ثم راح يلكم وجهه، ثم يرتمي على بطنه، ويشرب الدماء السائلة التي تمتلئ بها الأرضية.

نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست