نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 237
كما فرضته على الكون.. ولذلك
أضفت إلى قوانين (المادة الجدلية) التي تفسر الكون والوجود.. قوانين (المادية
التاريخية) التي تفسر حركة التاريخ، وتربطها بالمادة، وبوسائل الإنتاج، وتجعل
الصراع بين البشر قائما على أساس المادة.. المادة وحدها.
حتى أني فسرت الأديان
والأخلاق والقيم جميعا على أساس مادي..
لقد كان لكل ذلك عوامله الكثيرة التي
ورثتها من بيئتي التي عشت فيها، ومن قومي الذين ربيت بينهم.. فقد كانت المادية طبيعة
متجذرة فيهم، ورثوها من قديم الزمان.. من الإغريق والرومان.. وبما أنني يهودي، فقد
أضفت إليها يهوديتي الممتلئة بالتعلق بالمادة، والعشق لها.
ثم ورثتها من بيئتي الزمانية، فقد كان
عصر النهضة الأوروبية يموج بالإلحاد وإلغاء الإله، وكان السباق فيه على من يكون
أكثر إلحادا، وأكثر قدرة على إعطاء بديل كامل للدين، يفسر الوجود، ويبين كيف نشأ
الكون، ويضع للحياة والإنسان القيم المرتبطة بها، والتي تكون بديلة عن الدين الذي
وضعه الله لعباده..
لقد انتشرت فيه كل القيم التي تلغي الله
لتستبدله بالإنسان، وتجعله مصدر المعرفة.. وتجعل الفكر الإنسانى ـ لا الوحى
الربانى ـ المرجع الذى يرجع إليه الإنسان فى النظر إلى أمور حياته ومتطلباتها.
لقد قال [رايوبرث] يصف عصر النهضة الذي
عشت فيه: (وامتاز ذلك العصر بشعور الإنسان فيه بشخصيته المطلقة وبمعارضته للسلطة
وذويها، وذهابه شوطا بعيدا فى اعتبار العالم كله وطنا له .. وقد أعلت النهضة شأن
الطبيعة الإنسانية والحياة الدنيوية مخالفة فى ذلك طريقة التفكير فى القرون الوسطى
.. ولذلك يسمى العلماء الذين خصصوا أنفسهم لدراسة آداب اليونان والرومان والعلوم
عند القدماء [الإنسانيين].. وكان من خير ما أحدثه هؤلاء الإنسانيون [نمو الفردية]
أعنى الرأى القائل بأن الإنسان ينبغى أن يفكر بنفسه لنفسه .
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 237