وقال [برينتون] واصفا له، ولتدخل العقل
فيه في كل شيء: (فالمذهب العقلى يتجه إلى إزالة الله وما فوق الطبيعة من الكون، ومن
الوجهة التاريخية فإن نمو المعرفة العلمية وازدياد الاستخدام البارع للأساليب
العلمية يرتبط بشدة مع نمو الوضع العقلى نحو الكون)[2]
وقد أصبحت الفكرة السائدة في ذلك العصر
تعتبر تحصيل الإنسان للحقائق الكونية ومعرفته بها محصورا في التجربة الحسية وحدها..
أي أن الحس المشاهد لا غيره هو مصدر المعرفة الحقيقية اليقينية .. أما انتزاع
المعرفة مما وراء الظواهر الطبيعية الحسية، والبحث عن العلة فى هذا المجال، فأمر كان
مرفوضا، بل كان يدعو إلى السخرية [3]
وهكذا استغلت الاكتشافات العلمية لتفسر
تلك النظرة المادية الحسية.. ومن الأمثلة على ذلك أنه بعد اكتشاف نيوتن لبعض
القوانين التي يسير بها الكون، لم يرجع أهل ذلك الزمان أو من بعدهم ذلك لتصريف
الله، وتقديره، وحكمته في خلقه، وإتقانه لتدبيره لهم..وإنما راحوا ينفون الله
ويزيلون الحاجة إليه.
وأحسنهم حالا من راح يعطي الله راحة
أبدية، ويصور أنه خلق الكون، ثم اعتزله.. كما عبر عن ذلك بعض أصحابنا من
الطبيعيين، فقال: (الإله فى عرف نيوتن أشبه بصانع الساعة.. ولكن صانع هذه الساعة
الكونية، ونعنى بها الكون، لم يلبث أن شد على رباطها إلى الأبد، فبإمكانه أن
يجعلها تعمل حتى الأبد . أما الرجال على هذه الأرض فقد صممهم الإله كأجزاء من آلته
الضخمة هذه ليجروا عليها . وإنه ليبدو أن ليس ثمة داع أو فائدة من
[1]
كتاب مبادئ الفلسفة، ترجمة محمد امين، ص 119 ـ 120.