responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 298

الأرض في اليونان وغيرها.. وجلس إلي ليستمع لحججي، وبعد أن انتهيت منها، راح بكل أدب يقول لي[1]: أنت عرضت علي ما تراه من أطروحات تفسر الوجود.. ولم تذكر لي دليلا واحدا يدل عليها.

فقلت له، وقد تملكني الغضب: هي بمنطقيتها وبساطتها تفسر الوجود بما لا تحتاج معه إلى أي برهان.. فهي نفسها برهان على نفسها.

فقال لي بكل هدوء: فأذن لي أن أناقشك فيما ذكرته.. لأبين لك أنها مجرد مقولات لا تستند إلى أي منطق، ولا إلى أي عقل.

لم أملك إلا أن أجيبه، وأنا أسخر منه، لأن قلبي كان مغلقا دون الاستماع له.. لكني أحببت أن أتسلى بحديثه.. قال لي بكل هدوء وأدب: لقد ذكرت لي أنك تذهب إلى أن العدم الكلي المحض لا يمكن أن يتحول إلى الوجود بنفسه، وأن ما هو أزلي لا بد أن يكون أبدياً.. وهذا حق لا يمكنني أن أجادلك فيه.. لأن العدم الكلي المحض لا يمكن ـ عقلاً وبداهة ـ أن يتحوّل بنفسه إلى الوجود، فالعدم لا شيء، ويستحيل عقلاً أن يتحول اللاشيء إلى شيء.. وما هو أزلي ـ أي: واجب الوجود ـ لا يمكن أن تأتيه حالة يكون فيها ممكناً حتى يقبل فيها العدم.

انفرجت أساريري عن ابتسامة عريضة، فقال: لقد صدقت في هذا.. لكنك لم تأت فيه بجديد، فكل العقول توقن بهذا..

قلت: ولكني استنتجت من هذا أزلية المادة.

ابتسم، وقال: ما ذكرته هو قانون.. وإثبات أزلية المادة يحتاج إلى أدلة خاصة تثبتها.. ولا توجد مثل هذه الأدلة.. فالمادّة بطبيعتها المتغيّرة والمتحوّلة القابلة للتحليل والتركيب، لا تصلح أن تكون أزلية، وما ليس أزلياً فهو حادث، وما هو حادث لا بدّ له من مُحْدث.


[1] نذكر هنا باختصار وتصرف ما ذكرناه في المناظرة الأولى من كتاب [الباحثون عن الله]، وهي مناظرة افتراضية أجريناها بين ديموقريطس والباقلاني.

نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست