نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 89
لكائن بعدها بشيء، إنه من السديم وإلى
السديم يعود) [1]
سكت قليلا، وكأنه يتذكر شيئا، ثم قال: من
المغالطات التي كنت أستعملها للتنفير من الدين ومن الاعتقاد في الله، وفي نشر
الإلحاد أني كنت أخير مستمعي وقرائي بين العلم والإيمان، وكنت أقول لهم: لابد أن
تختاروا أحدهما.. فإن شئتم العلم، فينبغي عليكم طرح الإيمان.. فلا يصح أن تجتمع
الحقائق العلمية مع الخرافات التي يدعو إليها الإيمان.
لقد قلت في كتابي الذي انتقدت فيه الفكر
الديني:(ولنلمس طبيعة هذا الفارق بين النظرة الدينية القديمة وبين النظرة العلمية
التي حلت محلها، سنوجه انتباهنا إلى مثال محدد يبين بجلاء كيف يقودنا البحث العلمي
إلى قناعات وتعليلات تتنافى مع المعتقدات والتعليلات الدينية السائدة، مما يضطرنا إلى
الاختيار بينهما اختياراً حاسماً ونهائياً)[2]
ولأؤكد لهم هذه المغالطة، ضربت لهم هذا
المثال الذي عبرت عنه بقولي: (لا شك أن القارئ يعرف التعليل الإسلامي التقليدي
لطبيعة الكون ونشأته ومصيره: خلق الله هذا الكون في فترة معينة من الزمن، بقوله: كن
فكان، ولا شك أنه يذكر حادثة طرد آدم وحواء من الجنة، تلك الحادثة التي بدأ بها
تاريخ الإنسان على هذا الأرض. ومن صلب المعتقدات الدينية أن الله يرعى مخلوقاته
بعنايته وهو يسمع صلواتنا وأحياناً يستجيب لدعائنا، ويتدخل من وقت لآخر في نظام
الطبيعة فتكون المعجزات، أما الطبيعة فقد حافظت على سماتها الأساسية منذ أن خلقها الله،
أي: إنها تحتوي الآن على نفس الأجرام السماوية وأنواع الحيوانات والنباتات التي
كانت موجودة فيها منذ اليوم الأول لخلقه.. أما النظرة العلمية حول الموضوع ذاته
فلا تعترف بالخلق من لا شيء، ولا تقر بأن الطبيعة كانت منذ البداية كما هي عليه
الآن)