responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 126

استبعد في حوار جرى لي معه شهادة الحواس، وقال لي: ألا ترى أنّها تخدعنا أحياناً كثرة.. ولذلك من الفطنة ألاّ نأمن أمناً تامّاً من خدعنا ولو مرَّةً واحدة.. لقد قال لي معبرا عن ذلك: (كل ما تلقيته حتى اليوم وآمنت بأنه أصدق الأشياء وأوثقها قد اكتسبته من الحواس أو بواسطة الحواس، غير أني جربت هذه الحواس في بعض الأحيان فوجدتها خداعة، ومن الحكمة أن لا نطمئن كل الاطمئنان إلى من خدعونا ولو مرة واحدة)

وقد ضرب لي في نهاية تأمله الفلسفي الثاني، مثال قطعة الشمع الذي كان يكرره علي وعلى تلاميذه مرات كثيرة، فقد ذكر أن قطعة الشمع التي تم استخلاصها من خلية النحل صلبة وباردة ومتينة نسبيا، وعندما نلمسها يصدر عنها صوت، لكننا ما إن نقربها من النار حتى تتغير تغيرا تاما، فشكلها يتغير، وتتحول إلى سائل، وتسخن، ولا يصدر عنها أي صوت..

ثم يعقب على هذا المشهد بقوله: بذلك لا يتم تصور الشمع إذن إلا عبر فحص عقلي.. فالحواس لا تمنحنا مطلقا إلا معطيات هاربة، قابلة للانمحاء وغير منتظمة.. بل إنها لا تقدم لنا أي فكرة عن الأشياء كما نصوغها نحن بواسطة العقل.

قال: لقد ذكرني كلامك هذا بإشكال خطير يتعلق بالحواس، وصعوبة الاعتماد على المعارف المرتبطة بها.. فقد ذكر أستاذي الغزالي عند نقده للحواس اختلاط اليقظة بالنوم، وصعوبة التفريق بينهما، فقال: (فتوقفت النفس في جواب ذلك قليلاً، وأيدت إشكالها بالمنام وقالت: أما تراك تعتقد في النوم أموراً، وتتخيل أحوالاً، وتعتقد لها ثباتاً واستقراراً، ولا شك في تلك الحالة فيها، ثم تستيقظ فتعلم أنه لم يكن لجميع متخيلاتك ومعتقداتك أصل وطائل؟ فبم تأمن أن يكون جميع ما تعتقده في يقظتك بحس أو عقل هو حق بالإضافة إلى حالتك التي أنت فيها. لكن يمكن أن تطرأ عليك حالة تكون نسبتها إلى يقظتك كنسبة يقظتك إلى منامك، وتكون يقظتك نوماً بالنسبة إليها، فإذا أوردت تلك الحالة تيقنت أن

نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست