نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 364
المقدس المسلمين.. مليئا بمثل هذه
المعاني، ففيه هذه الآية التي أعتبرها شعارا عظيما للقيم.. ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾
[الرحمن: 60].. وأنت ترى أن السؤال في الآية سؤال استنكاري، وكأنها تقول: إن هذا هو الأمر الذي تدلكم عقولكم على
أنه ينبغي أن يكون؛ فكيف تتوقعون غيره؟
تجول قليلا في أنحاء القاعة، ثم قال: إن هذا البرهان الذي يدل بكل اللغات
والأساليب على وجود الله.. بل على ضرورة وجوده.. لا يرتبط بنا فقط كبشر، بل هو يرتبط بنظام كوني عظيم ممتلئ بالتناسق والعناية الدالتين
على أن لهذا الكون مبدعاً حكيماً رحيما.. والحكيم لا
يفعل شيئاً عبثاً.
ولذلك كان عدم وجود دار آخرة يلقى فيها
المحسن ثواب إحسانه، والمسيء عقاب إساءته مما يتناقض مع تلك الحكمة وذلك الإحكام.
وقد رأيت من خلال مطالعاتي الكثيرة
للقرآن كتاب المسلمين المقدس أنه يدعو إلى التفكر في الكون لمعرفة أن له خالقاً
حكيماً لم يخلق أي شيء عبثاً ولا لعباً ولا باطلاً، وإنما خلق بالحق، أي من أجل غاية.. وقد وجدت في أكثرها ربطاً بين نفي البطلان واللعب والعبث عن خلق الكون، وبين أنه لا بد أن
تكون هناك دار آخرة.. أي إنه لو لم تكن آخرة لكان خلق هذا الكون
كله عبثاً وباطلاً ولعباً ولم يكن حقاً؛ لأن هذا يتنافى مع
الإحكام الذي فيه، ومع ما يدل عليه هذا الإحكام من كونه مخلوقاً لخالق حكيم..
فالخالق الحكيم لا يخلق خلقاً فيأمرهم
وينهاهم، ثم يجعل مصير الذين استجابوا لرسله فعملوا صالحاً كمصير الذين تمردوا
عليهم وخاضوا فيكل فعل قبيح؛ فالآخرة إذن ضرورة
خُلُقية.
اسمع لهاتين الآيتين لترى كيف جعلت
الإحكام في خلق الله دليلاً على ضرورة وجود الآخرة: ﴿أَمْ
حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 364