نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 43
لكن أحدهما أيسر
مأخذا من الآخر، فإنّ هذا الصّفة االموجودة في القدح الأوّل تجعل إرادته تميل إلى
أخذه.. وهذا يختلف اختلافا جذريا عن إرادة الله تعالى صاحب الغنى المطلق، والقدرة
المطلقة.
قلت: إن قولك
هذا يبقي السؤال كما هو.. فكيف تجيبني، وكيف تجيب إخوانك في الفلسفة؟
قال: أجيبهم
بنفس المنهج الذي يفكرون به.. فهم أنفسهم مضطرّون للقول بتخصيص الشّيء عن مثله
بالإرادة القديمة.
قلت: كيف ذلك؟
قال: ألا ترى أنّهم
قد قالوا بأنّ العالم قد صدر بالضّرورة عن الواجب.. وأنه ذو هيئة خاصة ونظام خاص..
قلت: بلى.. ذلك
ما قالوه.
قال: ألا ترى أن
هناك وجوها أخرى لا نهائيّة كان يمكن للعالم أن يخلق بها.. فلِمَ اختصّ بهذا الوجه
دون الآخر؟ وماالشّيء الّذي كان قد خصّصه، وهو يماثل من حيث الامكان تمام المماثلة
الوجه الّذي قد وجد عليه بالفعل؟
قلت: قد يجيبون
على ذلك بأنّ نظام العالم الكلّي لا يمكن أن يستقيم إلاّ على الوجه الّذي وُجِدَ
عليه، وكلّ الوجوه الأخرى مع كونها ممكنة إلا أنها قد تسبب خللا فيه.. فلو وُجِدَ
أكبر أو أصغر، أو ذو عدد أقلّ أو أكثر من الكواكب والأفلاك لاختلّ هذا النّظام..
لذلك فإنّ تخصيص الإرادة القديمة له دون الهيئات الأخرى الممكنة ليس من باب تخصيص
الشّيء عن مثله بخلاف حدوث العالم في وقت دون وقت فهو بالضّرورة من باب تخصيص
الشّيء عن مثله، لأنّه كلّ الأوقات هي متشابهة، والعالم إن وجد في وقت قبل الوقت
الّذي وجد فيه أو بعده لا يتصوّر تغيّر من نظامه شيء.
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 43