نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 55
ذلك أن جميع المخلوقات يصح فى حقها هذا السؤال،
لأنها تتحرك وفق قوانين نكاد نعرفها جميعا، ويمكن إخضاعها للتجربة والقياس
والحسابات الرياضية، لكن الله ليس خاضعا لكل هذا، لأنه فوق علمنا وتصوراتنا، وما
يمكن أن نقترحه على مانعرفه لايمكن اقتراحه على ماهو فوق معارفنا وتصوراتنا.. بل
الشئ الوحيد الذى نتأكد منه أنه ليس مشابها لكل مانعرف وما نتوقع معرفته، ولا يمكن
أن تسرى عليه تخيلاتنا.
بعد أن أنهى حديثه الهادئ، قام آخر،
وقال: وفق أى قانون يمكن أن نسأل هذا السؤال، وهل يمكن للعقل البشرى أن يجعل الله مادة
لمعرفته فى ذاته.. إن معنى ذلك هو أن هذا العقل البشرى بلغ من القدرة أن يكون إلها..
ولكن الثابت أن هذا العقل بكل وسائله، وبكل معارفة الحديثة لايزال عاجزا عن تفسير
أشيئا كثيرة فى عالم الماديات، ورغم كل معارفه فلا يزال الكون مجهولا بالنسبة له،
وهو مازال يطور ويصحح فى معلوماته كل يوم، ومع كل كشف جديد.. فإذا كان العقل
ومقاييسه ومعارفه لايمكنه إدراك أغلبية الحقائق المخلوقة، فكيف فى وثبة من الغرور
يريد أن يخضع خالقه وخالق معارفه ومقاييسه لأدواته البدائية هذه.. إن المنطق لا
يقبل أن يكون الطفل الذى يحبو، ويستطلع الأشياء من حوله قادرا على فهم ما يفهمه
الشيخ المجرب العالم.
***
بعد أن قال هذا وغيره بعض ما ذكرته لكم
بدأت بعض التشكيكات تتسرب إلى الشبهة التي أودعها في نفسي راسل وغيره من فلاسفة
الإلحاد..
لكن الشبهة لم تزل زوالا كليا إلا في
ذلك اليوم الذي التقيت فيه ذلك الفيلسوف المسلم الذي راح يخاطب عقلي باللغة التي
تتناسب معه، واستطاع أن يضع مشرطه على الورم الذي غرسه راسل في عقلي، وأزاله إزالة
كلية.
لقد قال لي، وهو يحاورني: إن ما طرحه
أستاذك في الفلسفة مع احترامنا له ولمواقفه
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 55