نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 57
ذلك أن كلّ كائن في هذا العالم يشهد بصدق بأنّه لم يكن صانع نفسه،
بل يعترف بوجود علة موجدة له.. وجميعهم يشهدون بأنّ وجودهم وحقيقتهم لم تكن من ذات
أنفسهم.. إذن من أين أتى وجودهم وخلقهم، وكيف؟
ليس أمامنا إلاّ طريق واحد، وهو الاعتراف
بأن كلّ موجود حادث وناتج عن موجود غني بالذّات، وعنده يتوقّف التسلسل، إذ يعتبر
هو العلّة الرئيسية لجميع المعلولات، وهو الخالق القدير.
ثم ابتسم، وقال ـ وقد رأى الحيرة في
وجهي ـ : إن من يدّعي بأنّ الكائنات قد أوجدت نفسها من العدم دون استعانة بكائن خارجي،
يشابه من يدعي بأننا يمكن أن نحصل على عدد صحيح عند اجتماع ما لا نهاية له من
الأصفار، أو يمكننا الحصول على الوجود أو الحياة عندما تتراكم ما لا نهاية من
العدوم.
عندما قال ذلك، ورآني أهم بالانصراف
عنه، وأنا ممتلئ بالحيرة، ربت على كتفي، وقال: لابد لكلّ متفكّر عاقل أن يعترف
بأنّ وجود هذه المخلوقات قد انحصر تحقّقها بكائن حي غني على الإطلاق، إذ يعتبر
نهاية للتسلسل، ومنبعاً للكائنات جميعاً.. وأنه هو العلّة المطلقة.. وما دام كذلك،
فهو ليس بمعلول.. فيستحيل على العلة المطلقة أن تكون معلولة.. ذلك أن وجودها ينبع
من نفسها، وهي غير محتاجة إلى سواها.
ثم قال لي: إن قدر لك أن تلتقي أستاذك
في الفلسفة، فوجه إليه نفس السؤال.. قل له: (إذا كان كلّ موجود معلول لعلّة،
والعلّة له هي المادّة، فما هي إذن العلّة الموجدة للمادة؟)
***
طبعا.. لم يقدر لي أن ألتقي بأستاذي
برتراند.. ولكني التقيت بالكثير من أمثاله، وكلهم راح يتلاعب بالألفاظ ليصرفني عن
الحقيقة.. لكن زخرف الألفاظ لم يعد يتلاعب بعقلي أو يتحكم فيه خاصة وأنه قيض لي
بعد ذلك أن ألتقي بالكثير من الباحثين الصادقين
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 57