نام کتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 198
لكن تلك العقيدة الممتلئة بالغرور، وبعد
التطور العلمي لم يبق من العلماء من يؤمن بها، ذلك أنه لا يمكن من الناحية العملية
التنبؤ بالمستقبل.. فهو مقيد بشكل كبير بتعقيد المعادلات الكثيرة الممتلئة بالتشويش
والاختلاط.. وهذا يعني أن اضطرابا صغير في مكان، ما قد يحدث تغيرا كبيرا في مكان
آخر.. كما يعلم ذلك من شاهد فيلم [جوراسيك بارك].. فلو أن فراشة رفرفت، فقد يتسبب
هذا في نزول المطر في [سنترال بارك] في نيويورك.. والمشكلة أن هذا الشيء لا يتكرر..
ففي المرة التالية رفرفة هذه الفراشة نفسها ستتسبب في سلسلة أحداث مختلفة.. ولذا
نجد أن التنبؤات الجوية لا يمكن الوثوق بها مطلقا.
وهذا يدعونا إلى البحث عن شيء نسميه نحن
الفلاسفة [الإمكان العقلي].. فكم من إنسان يبني قصورا في الهواء لاعتقاده أن كل ما
أجاز العقل وجوده سيتحقق على أرض الواقع.. وهذا غير صحيح.
فالإمكان الذهني يحدث بمجرد انتفاء
الموانع وقيام الشروط التي يضعها كل من يفكر في تلك القضيه ولكن من أين له الجزم أنه
أحاط بكل الشروط والموانع المتعلقة بتلك القضية المخصوصة.. كما أن كون الشيء ممكن
الوجود ليس دليلا كافيا على أنه موجود بالفعل في العالم الخارجي.
قام عالم آخر، وقال: لقد ذكرني حديثك
هذا ـ صديقي الفيلسوف ـ بالثقوب السوداء والثقوب الدودية.. فهي من أغرب المواضيع التي تدرسها الفيزياء الفلكية وعلم
الكون.. وقد نشأ الاهتمام بها مع ظهور نظرية النسبية لأينشتاين..
فصفات وخصائص الثقوب السوداء من الغرابة بمكان، حيث أنها غيرت
ما نعرفه عن مصداقية المفهوم، ذلك لأنها تمس جوهر مفاهيمنا للمكان والزمان.. وهي
خصائص غريبة وشاذة ومخالفة للمألوف.. لذلك حاول بعض العلماء المتخصصين فيها تقديم
تفاسير لسلوكياتها المتناقضة أحيانا رغم البساطة الظاهرية التي تبدو عليها كبساطة
الجسيمات
نام کتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 198