نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 260
فقد ذكر بديع
الزمان كيف خرج بنور الإيمان
من كل الأفكار المشؤومة التي تعتري الملاحدة، فقال: (ذات يوم من الايام الأخيرة
للخريف، صعدت الى قمـّة قلعة انقرة، التي اصابها الكبر والبلى اكثر مني، فتمثـلـّت
تلك القلعة امامي كأنها حوادث تأريـخية متحجرة، واعتراني حزن شديد واسى عميق من
شيب السنة في موسم الـخريف، ومن شيبي انا، ومن هرم القلعة، ومن هرم البشرية ومن
شيخوخة الدولة العثمانية العلية، ومن وفاة سلطنة الـخلافة، ومن شيخوخة الدنيا )
فهذه الآلام
الكثيرة التي قد نبصر مثلها، والتي تملأ النفس أسفا وحزنا، دعت بديع الزمان للبحث
عن ترياق يعالج به هذه الكآبة، قال:( فاضطرتني تلك الـحالة الى النظر من ذروة تلك
القلعة الـمرتفعة الى اودية الـماضي وشواهق الـمستقبل، أنقب عن نور، وابـحث عن رجاء
وعزاء ينير ما كنت أحسّ به من أكثف الظلمات التي غشيت روحي هناك وهي غارقة في ليل
هذا الهرم الـمتداخل الـمحيط )
وهذا العزاء
الذي بحث عنه بديع الزمان يبحث عنه كل إنسان شعر أو لم يشعر، ولكن يختلفون فقط في
الجهة التي يولون لها وجوههم للبحث عن هذا العزاء، وكانت الجهة الأولى التي قصدها
بديع الزمان هي الجهة التي يولي لها الملاحدة وجوههم، وهي الجهة البعيدة عن
الحقائق الإيمانية، وهي بجهاتها الست لا تزيد القلب إلا غما وهما، قال بديع
الزمان:( فـحينما نظرت الى اليـمين الذي هو الـماضي باحثاً عن نور ورجاء، بدت لي
تلك الـجهة من بعيد على هيئة مقبرة كبرى لأبي واجدادي والنوع الانساني، فأوحشتني
بدلاً من ان تسلـّيني )
أما اليسار
الذي هو الـمستقبل:( فتراءى لي على صورة مقبرة كبرى مظلمة لي ولأمثالي وللجيل
القابل، فأدهشني عوضا من ان يؤنسني )
أما الأمام
وهو الزمن الـحاضر ( فبدا ذلك اليوم لنظري الـحسير ونظرتي التأريـخية
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 260