وقال الذهبي:
(هذا خط شيخنا الإمام، شيخ الاسلام، فرد
الزمان، بحر العلوم، تقي الدين.. وقرأ القرآن والفقه، وناظر، واستدل وهو دون
البلوغ، برع في العلم والتفسير وأفتى ودرَّس وله نحو العشرين، وصنف التصانيف وصار
من أكابر العلماء في حياة شيوخه، وله المصنفات الكبار التي سارت بها الركبان، ولعل
تصانيفه في هذا الوقت تكون أربعة آلاف كراس وأكثر، وفسر كتاب الله تعالى مدة سنين
من صدره في أيام الجُمَع، وكان يتوقد ذكاء، وسماعاته من الحديث كثيرة، وشيوخه أكثر
من مائتي شيخ، ومعرفته بالتفسير إليها المنتهى، وحفظه للحديث ورجاله وصحته وسقمه
فما يُلحق فيه، وأما نقله للفقه ومذاهب الصحابة والتابعين فضلًا عن المذاهب
الأربعة فليس له فيه نظير، وأما معرفته بالملل والنحل والأصول والكلام فلا أعلم له
فيه نظيرًا، ويدري جملة صالحة من اللغة وعربيته قوية جدًّا، ومعرفته بالتاريخ
والسير فعجب عجيب، وأما شجاعته وجهاده وإقدامه فأمر يتجاوز الوصف ويفوق النعت، وهو
أحد الأجواد الأسخياء الذين يُضرب بهم المثل، وفيه زهد وقناعة باليسير في المأكل
والملبس)[2]
بعد هذه
المقدمة المنهجية التي تعجبنا فيها من حديث السلفية عن الأنبياء بتلك الصفة، وعن طرحهم
لهذه المسألة، وبهذه الصورة، نذكر ما قالوه في العصمة، ونقارنه بما ورد في القرآن
الكريمة، وما ذكره تلاميذه الذين اقتصر تلقيهم عنه.
وبما أن ابن
تيمية هو منظر مذهب السلف بصورته النهائية، فسنكتفي بذكر ما قاله حول عصمة
الأنبياء، ومبرراتهم في ذلك.
[1]
العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية، لابن عبد الهادي، نقلا عن الرد
الوافر على من زعم أن شيخ الإسلام ابن تيمية كافر، (63)