بل
إنهم في روايات كثيرة يصورون أن خلق الملائكة كان من ماء، ومن ذلك ما رووه عن كعب قال: (لا تقطر
عين ملك منهم إلا كانت ملكا يطير من خشية الله عز وجل) قال صفوان: وزاد فيه غيره:
(وذلك أنها نطفة خشية، وليست نطفة شهوة، فمن هنالك كثرة الملائكة)[2]
ورووا عن
العلاء بن هارون قال: (لجبريل عليه السلام في كل يوم اغتماسة في الكوثر، ثم ينتفض،
فكل قطرة يخلق منها ملك)[3]
وهكذا نرى
حديثهم عن الله تعالى، فلهذا نراهم ينتقدون بشدة المنهج التنزيهي الذي مارسه
المتكلمون والصوفية وكل طوائف الأمة، كما عبر الغزالي عن ذلك بقوله: (فإن قلت
فماذا نهاية معرفة العارفين بالله تعالى؟ فنقول: نهاية معرفة العارفين عجزهم عن
المعرفة، ومعرفتهم بالحقيقة أنهم لا يعرفونه، وأنه لا يمكنهم البتة معرفته، وأنه
يستحيل أن يعرف الله المعرفة الحقيقية المحيطة بكنه صفات الربوبية إلا الله عز وجل،
فإذا انكشف لهم ذلك انكشافا برهانيا كما ذكرناه فقد عرفوه أي بلغوا المنتهى الذي
يمكن في حق الخلق من معرفته)[4]
لكن السلفية
ينكرون هذا، ويرون أن الكمال في إثبات أكبر عدد من صفات الله، والتي يقسمونها إلى
قسمين كبيرين ـ كما يقول ابن تيمية ـ: (صفات نقص؛ فهذه يجب تنزيه الله عنها
مطلقاً؛ كالموت، والعجز، والجهل، والثاني: صفات كمال؛ فهذه يمتنع أن