نام کتاب : التراث السلفي تحت المجهر نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 132
رجلاه في
التخوم السفلى وعنقه مثنية تحت العرش، وجناحاه في
المشرق والمغرب فإذا سبح الله ذلك الملك لم يبق شيء إلا سبح)[1]
هذا حديثهم
عن عالم الملائكة، أما حديثهم عن عالم الجن، فأعجب وأغرب، فهم
لا يستندون فيه لا إلى الإسرائيليات ولا إلى غيرها، بل
يستندون إلى اتصالهم المباشر بهذا العالم، لأنهم
يعتبرون إمكانية التواصل مع هذا العالم عبر الرقية المبتدعة التي يمارسونها أو عبر
غيرها.
ولهذا نرى
ابن تيمية عند حديثه عن الجن يطرح كل أدواته الاستدلالية التي يسخر من خصومه بسبب
عدم تمسكهم بها، لأنه لا يحتاج إليها في التعرف عليهم، وكيف يحتاج إليها وهو يتواصل مباشرة معهم هو وجميع
إخوانه من السلفيين.. وقد ذكر ذلك في مواضع كثيرة منها قوله: (..
أما كونه لم يتبين له كيفية الجن
وماهياتهم، فهذا ليس فيه إلا إخباره بعدم علمه، لم ينكر وجودهم؛ إذ
وجودهم ثابت بطرق كثيرة غير دلالة الكتاب والسنة، فإن
من الناس من رآهم، وفيهم من رأى من رآهم، وثبت ذلك عنده بالخبر واليقين، ومن الناس من كلمهم وكلموه، ومن
الناس من يأمرهم وينهاهم ويتصرف فيهم، وهذا يكون للصالحين
وغير الصالحين، ولو ذكرت ما جرى لي ولأصحابي معهم لطال الخطاب، وكذلك ما جرى لغيرنا، لكن
الاعتماد على الأجوبة العلمية يكون على ما يشترك الناس في علمه، لا يكون بما يختص بعلمه المجيب، إلا أن يكون الجواب لمن يصدقه فيما يخبر به)[2]
ويذكر ابن
تيمية رؤيته لخط الجن وكتابتهم مرات متعددة، فيقول: (وأصحاب الحلاج لما قتل كان يأتيهم من يقول أن الحلاج
فيرونه في صورته عيانا وكذلك شيخ
[1]
أورده السيوطي في الحبائك: ص 59، و68، وعزاه إلى ابن مردويه والديلمي في مسند
الفردوس.