نام کتاب : التراث السلفي تحت المجهر نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 232
يقتضيه
ولاؤهم وبراؤهم، فمن مقولاته في ذلك: (من
المعروف في سنن الاجتماع أن كل طائفة قوي شأنها، وكثر
سوادها، لا بد أن يوجد فيها الأصيل والدخيل، والمعتدل والمتطرف، والغالي
والمتسامح، وقد وجد بالاستقراء أن صوت الغالي أقوى
صدى، وأعظم استجابة، لأن
التوسط منـزلة الاعتدال، ومن يحرص عليه قليل في كل عصر ومصر، وأما الغلو فمشرب الأكثر، ورغيبة
السواد الأعظم، وعليه درجت طوائف الفرق والنحل، فحاولت الاستئثار بالذكرى، والتفرد
بالدعوى، ولم تجد سبيلاً لاستتباع الناس لها إلا
الغلو بنفسها، وذلك بالحط من غيرها، والإيقاع بسواها، حسب
ما تسنح لها الفرص، وتساعدها الأقدار، إن
كان بالسنان، أو اللسان)[1].
ويقول مدافعا عن المتهمين بالبدعة: (ولكن
لا يستطيع أحد أن يقول: أنهم تعمدوا الانحراف عن الحق، ومكافحة الصواب عن سوء نية، وفساد
طوية، وغاية ما يقال في الانتقاد في بعض آرائهم: إنهم اجتهدوا فيه فأخطأوا، وبهذا
كان ينتقد على كثير من الأعلام سلفاً وخلفاً لأن الخطأ من شأن غير المعصوم، وقد قالوا: المجتهد يخطئ
ويصيب: فلا غضاضة ولا عار على المجتهد أن أخطأ في
قول أو رأي، وإنما الملام على من ينحرف عن الجادة
عامداً معتمداً، ولا يتصور ذلك في مجتهد ظهر فضله، وزخر علمه)[2].
ويذكر ثمرة التعامل الطيب مع المخالفين بحسب ما يدعو إليه القرآن
الكريم والسنة المطهرة، فيقول: (قال
بعض علماء الاجتماع: يختلف فكر عن آخر باختلاف المنشأ والعادة
والعلم والغاية، وهذا الاختلاف طبيعي في الناس، وما كانوا قط متفقين في مسائل الدين والدنيا، ومن عادة صاحب كل فكر أن يحب تكثير سواد القائلين
بفكره،