نام کتاب : التراث السلفي تحت المجهر نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 48
وهكذا
استطاعت آية واحدة أساء سلفهم فهمها أن ينسخوا بها كل قيم السماحة والرحمة التي
جاء القرآن الكريم للدعوة إليها، ولهذا يذكرون في فضل آية السيف قول الحسن بن فضل:
(نسخت هذه الآية كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء..)،
وقال ابن حزم في كتابه الناسخ والمنسوخ: (في القرآن مائة وأربع عشرة آية في ثمان
وأربعين سورة نسخت الكل بقوله: اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم..)[1]
ولهذا نجد
فتاوى السلفية المرتبطة بالعلاقة مع الآخر تلغي كل آيات السماحة لكونها مخصوصة
بزمن معين وقوم معينين، أو لكونها منسوخة لا يمكن تطبيقها، لأنها معطلة عن التنفيذ،
ونجدهم بدل ذلك يستدلون بالآيات الكريمة في التعامل مع المحاربين.
وهكذا انتكس
الأمر هنا أيضا، فتحول المسالمون الذين دعا القرآن الكريم إلى تأليف قلوبهم
والمعاملة الحسنة معهم إلى محاربين لا يمكننا أن نتدين التدين الصحيح إلا إذا
أريناهم وجوهنا الكالحة، تحت اسم [الولاء والبراء]
وسأسوق هنا
بعض الأمثلة من فتاوى السلفية المعاصرين في حكم بعض المعاملات البسيطة التي تدخل
ضمن البر والرحمة والسماحة والأخلاق الحسنة التي أمرنا القرآن الكريم أن نتعامل
بها مع الناس جميعا بغض النظر عن دينهم وعرقهم وأرضهم، لكن هؤلاء العلماء نظروا
إلى المسألة كما نظروا إلى المتشابه والمحكم، حيث تحول المحكم متشابها، والمتشابه
محكما، وهكذا تحول المسالمون عندهم إلى محاربين، كما تحول المحاربون عند أولياء
أمورهم إلى مسالمين.
فمن الأمثلة
على ذلك ما أجاب به الشيخ ابن باز عن سؤال يقول صاحبه: (يسكن