نام کتاب : التراث السلفي تحت المجهر نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 76
لكن كل هذا
الذي ذكروه ليس سوى زخرف من القول، لا يصح الاعتماد عليه، أو هو مجرد خطب مؤثرة
يضحكون بها على أصحاب العقول الضعيفة، وليس لها حظ من الحقيقة، لأنهم هم أنفسهم
يرمي بعضهم بعضا، ويتهم بعضهم بعضا، ولو طبقنا عليهم المقاييس التي يتعاملون بها
مع خصومهم، فلن يبقى أحد منهم أهلا للرواية، ولا أهلا للحكم على الأحاديث.
لكن عند البحث بموضوعية وجرأة في كتب علم
الحديث، وخاصة علم الرجال وعلم الجرح والتعديل ـ وهما العلمان اللذان يقوم عليهما
الحكم على الحديث قبولا ورفضا ـ نجد كل أنواع المكاييل المزدوجة التي تخول للمحدث
التلاعب برفض ما يشاء من الأحاديث، وقبول ما يشاء منها، لأنه لا يوجد راو في
الدنيا إلا وهناك من ضعفه، وبذلك يتسنى للمحدث أن يستعمل هذا السلاح مع المخالف إن
أورد أي حديث لا يوافق هواه.
وقد حاول
المتقدمون والمتأخرون من المحدثين أن يسدوا هذه الثغرة، لكن لم يستطيعوا، فراحوا
يضعون قواعد لأنفسهم تمكنهم من استعمال هذا السلاح متى شاءوا، من دون أن يسمحوا
لخصومهم باستعماله.
ومن أمثلة
ذلك ما نص عليه ابن البر (ت463هـ) بقوله عند الحديث عن تجريح أهل الحديث لبعضهم
بعضا: (.. هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس وضلت به نابتة جاهلة لاتدري ما عليها
في ذلك، والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته، وثبتت في العلم أمانته، وبانت
ثقته وعنايته بالعلم، لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة
تصح بها جرحته علي طريق الشهادات والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب
قوله من جهة الفقه والنظر، وأمّا من لم تثبت إمامته ولا عرف عدالته، ولا صحت لعدم الحفظ
والإتقان روايته، فإنه ينظر فيما اتفق أهل العلم عليه
نام کتاب : التراث السلفي تحت المجهر نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 76